التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسْتَغْفِرُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٩٩
-البقرة

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ }.
لم يبين هنا المكان المأمور بالإفاضة منه المعبر عنه بلفظه حيث، التي هي كلمة تدل على المككان، كما تدل حين على الزمان.
ولكنه يبين ذلك بقوله:
{ فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ } [البقرة: 198] الآية. وسبب نزولها أن قريشاً كانوا يقفون يوم عرفة بالمزدلفة، ويقولون: نحن قطان بيت الله، ولا ينبغي لنا أن نخرج من الحرم؛ لأن عرفات خارج عن الحرم وعامة الناس يقفون بعرفات، فأمر الله النَّبي صلى الله عليه وسلم، والمسلمين، أن يفيضوا من حيث أفاض الناس، وهو عرفات، لا من المزدلفة كفعل قريش.
وهذا هو مذهب جماهير العلماء، وحكى ابن جرير عليه الإجماع، وعليه فلفظة ثم للترتيب الذكري بمعنى عطف جملة على جملة، وترتيبها عليها في مطلق الذكر، ونظيره قوله تعالى:
{ { فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْمَرْحَمَةِ } [البلد: 13-17].
وقول الشاعر:

إن من ساد ثم ساد أبوه ثم قد ساد قبل ذلك جده

وقال بعض العلماء: المراد بقوله: { ثُمَّ أَفِيضُواْ } الآية. أي: من مزدلفة إلى منى، وعليه فالمراد بالناس إبراهيم.
قال ابن جرير في هذا القول: ولولا إجماع الحجة على خلافه لكان هو الأرجح.