التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ
٨٣
قَالَ هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ
٨٤
-طه

أضواء البيان في تفسير القرآن

أشار جل وعلا في هذه الآية الكريمة إلى قصة مواعدته في موسى أربعين ليلة وذهابه إلى الميقات، واستعجاله إليه قبل قومه. وذلك أنه لما واعده ربه { وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ } الآية. وهذه القصة التي أجملها هنا أشار لها في غير هذا الموضع. كقوله في "الأعراف": { { وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَىٰ لأَخِيهِ هَارُونَ ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ } [الأعراف: 142-143] الآية.
وفي هذه الآية سؤال معروف: وهو أن جواب موسى ليس مطابقاً للسؤال الذي سأله ربه، لأن السؤال عن السبب الذي أعجله عن قومه، والجواب لم يأت مطابقاً لذلك. لأنه أجاب بقوله: { هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ } الآية.
وأجيب عن ذلك بأجوبة: (منها) أن قوله: { هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي } يعني هم قريب وما تقدمتهم إلا بيسير يغتفر مثله، فكأني لم أتقدمهم ولم أعجل عنهم لقرب ما بيني وبينهم. (ومنها) أن الله جل وعلا لما خاطبه بقوله { وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ } داخله من الهيبة والإجلال والتعظيم لله جل وعلا ما أذهله عن الجواب المطابق. والله أعلم.
وقوله: { هُمْ أُوْلاۤءِ } المد فيه لغة الحجازيين. ورجحها ابن مالك في الخلاصة بقوله:
والمد أولى.
ولغة التميميين "أولا" بالقصر، ويجوز دخول اللام على لغة التميميين في البعد، ومنه قول الشاعر:

أولا لك قومي لم يكونوا أشابة وهل يعظ الضليل إلا أولالكا

وأما على لغة الحجازيين بالمد فلا يجوز دخول اللام عليها.