التفاسير

< >
عرض

وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ
٣٢
-الأنبياء

أضواء البيان في تفسير القرآن

تضمنت هذه الآية الكريمة ثلاث مسائل:
الأولى ـ أن الله جل وعلا جعل السماء سقفاً، أي لأنها للأرض كالسقف للبيت.
الثانية ـ أنه جعل ذلك السقف محفوظاً.
الثالثة ـ أن الكفار معرضون عما فيها "أي السماء" من الآيات، لا يتعظون به ولا يتذكرون. وقد أوضح هذه المسائل الثلاث في غير هذا الموضع:
أما كونه جعلها سقفاً فقد ذكره في سورة "الطور" أنه مرفوع وذلك من قوله:
{ { وَٱلطُّورِ وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوعِ } [الطور: 1-5] الآية.
وأما كون ذلك السقف محفوظاً فقد بينه في مواضع من كتابه، فبين أنه محفوظ من السقوط في قوله:
{ { وَيُمْسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [الحج: 65]، وقوله: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ بِأَمْرِهِ } [الروم: 25]، وقوله تعالى: { { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ } [فاطر: 41]، وقوله: { { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْعَظِيمُ } [البقرة: 255]، وقوله { { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } [المؤمنون: 17] على قول من قال: وما كنا عن الخلق غافلين. إذ لو كنا نغفل لسقطت عليهم السماء فأهلكتهم. وبين أنه محفوظ من التشقق والتفطر، لا يحتاج إلى ترميم ولا إصلاح كسائر السقوف إذا طال زمنها. كقوله تعالى: { { هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ } [الملك: 3]، وقوله تعالى: { أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } [ق: 6] أي ليس فيها من شقوق ولا صدوع. وبين أن ذلك السقف المذكور محفوظ من كل شيطان رجيم. كقوله: { { وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } [الحجر: 17]، وقد بينا الآيات الدالة على حفظها من جميع الشياطين في سورة "الحجر". وأما كون الكفار معرضين عما فيها من الآيات فقد بينه في مواضع من كتابه. كقوله تعالى: { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } [يوسف: 105]، وقوله: { وَإِن يَرَوْاْ آيَةً يُعْرِضُواْ } [القمر: 2] الآية، وقوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ } [يونس: 96-97]، وقوله: { { وَمَا تُغْنِي ٱلآيَاتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } [يونس: 101].