قوله تعالى: {وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}.
معناه لا تتكبر على الناس. ففي الآية نهي عن التكبر على الناس، والصعر الميل، والمتكبر يميل وجهه عن الناس، متكبراً عليهم، معرضاً عنهم، والصعر الميل وأصله: داء يصيب البعير يلوي منه عنقه، ويطلق على المتكبر يلوي عنقه، ويميل خده عن الناس تكبراً عليهم، ومنه قول عمرو بن حنى التغلبي:
وكنا إذا الجبار صعّر خده أقمنا له من ميله فتقوّما
وقول أبي طالب:
وكنا قديماً لا نقر ظلامة إذا ما ثنوا صعر الرؤوس نقيمها
ومن إطلاق الصعر على الميل قول النمر بن تولب العلكي:
إنا أتيناك وقد طال السفر نقود خيلا ضمرا فيها صعر
وإذا علمت أن معنى قوله: {وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} لا تتكبر عليهم.
فاعلم أنا قدمنا في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى: { فَٱهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّاغِرِينَ } [الأعراف: 13] الآيات القرآنية الدالة على التحذير من الكبر المبينة لكثرة عواقبه السيئة، وأوضحنا ذلك مع بعض الآيات الدالة على حسن التواضع، وثناء الله على المتواضعين.
قوله تعالى: {وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً}.
قد قدمنا إيضاحه وتفسير الآية في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: { وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ ٱلأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ ٱلْجِبَالَ طُولاً } [الإسراء: 37].