التفاسير

< >
عرض

أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ ٱلرَّحْمَـٰنُ بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونَ
٢٣
إِنِّيۤ إِذاً لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٢٤
-يس

أضواء البيان في تفسير القرآن

الاستفهام في قوله تعالى: { أَأَتَّخِذُ }: للإنكار، وهو مضمن معنى النفي: أي لا أعبد من دون الله معبودات، إن أرادني الله بضر لا تقدر على دفعه عني، ولا تقدر أن تنقذني من كرب.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من عدم فائدة المعبودات من دون الله جاء موضحاً في آيات من كتاب الله تعالى: كقوله تعالى:
{ { قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } [الزمر: 38] وقوله تعالى: { { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً } [الإسراء: 56] وقوله تعالى: { { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثُقَالَ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } [سبأ: 22] الآية. وقوله تعالى: { { وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [يونس: 18] وقوله تعالى: { { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ ٱلظَّالِمِينَ } [يونس: 106]، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: { لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً } أي لا شفاعة لهم أصلاً حتى تغني شيئاً، ونحو هذا أسلوب عربي معروف، ومنه قول امرئ القيس:

على لا حب لا يهتدي بمناره إذا سافه العود النباطي جرجرا

فقوله: لا يهتدي بمناره: أي لا منار له أصلاً حتى يهتدي به.
وقول الآخر:

لا تفزع الأرنب أهوالها ولا ترى الضب بها ينجحر

أي لا أرنب فيها، حتى تفزعها أهوالها، ولا ضب فيها حتى ينجحر: أي يتخذ حجراً.
وهذا المعنى هو المعروف هو المعروف عند المنطقيين بقولهم: السالبة لا تقتضي وجود الموضوع. كما تقدم إيضاحه.