ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن الكفار الذين أرسل إليهم نبينا صلى الله عليه وسلم، ألفوا آباءهم ضالين: أي وجدوهم على الكفر، وعبادة الأوثان، فهم على آثارهم يهرعون: أي يتبعونهم في ذلك الضلال والكفر، مسرعين فيه، جاء موضحاً في غير هذا الموضع كقوله تعالى عنهم: { قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ } [البقرة: 170] وقوله عنهم: { قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ } [المائدة: 104] وقوله عنهم: { إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } [الزخرف: 23]. وقوله عنهم: { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا } [إبراهيم: 10] الآية، ورد الله عليهم في الآيات القرآنية معروف كقوله تعالى: { أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } [البقرة: 170] وقوله: { أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } [المائدة: 104] وقوله تعالى: { قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ } [الزخرف: 24].
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ} أي فهم على اتباعهم، والاقتداء بهم في الكفر والضلال، كما قال تعالى عنهم: { وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } [الزخرف: 23].
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {يُهْرَعُون}، قد قدمنا في سورة هود أن معنى {يُهْرَعُون}: يسرعون ويهرولون، وأن منه قول مهلهل:
فجاءوا يهرعون وهم أسارى تقودهم على رغم الأنوف