أضواء البيان في تفسير القرآن
قوله تعالى: { وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ } الآية.
أمر الله تعالى في هذه الآية الكريمة بإيتاء اليتامى أموالهم، ولم يشترط هنا في ذلك شرطاً، ولكنه بين بعد هذا أن هذا الإيتاء المأمور به مشروط بشرطين:
الأول: بلوغ اليتامى.
والثاني: إيناس الرشد منهم، وذلك في قوله تعالى: { وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } [النساء: 6] وتسميتهم يتامى في الموضعين، إنما هي باعتبار يتمهم الذي كانوا متصفين به قبل البلوغ، إذ لا يتم بعد البلوغ إجماعاً، ونظيره قوله تعالى: { فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سَاجِدِين } [الشعراء: 46] يعني الذين كانوا سحرة، إذ لا سِحر مع السجود لله.
وقال بعض العلماء: معنى إيتائهم أموالهم إجراء النفقة والكسوة زمن الولاية عليهم.
وقال أبو حنيفة: إذا بلغ خمساً وعشرين سنة أعطي ماله على كل حال. لأنه يصير جداً، ولا يخفي عدم اتجاهه، والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: { وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً }.
ذكر في هذه الآية الكريمة أن أكل أموال اليتامى حوب كبير، اي: إثم عظيم، ولم يبين مبلغ هذا الحوب من العظم، ولكنه بينه في موضع آخر وهو قوله: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَامَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرا } [النساء: 10].