التفاسير

< >
عرض

فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ
٣٨
-فصلت

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى { فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ } أي فإن تكبر الكفار عن توحيد الله، والسجود له وحده، وإخلاص العبادة له، فالذين عند ربك وهم الملائكة، يسبحون له بالليل، أي يعبدونه وينزهونه دائماً ليلاً ونهاراً وهم لا يسأمون، أي لا يملون من ؟".:/ ةعبادة ربهم، لاستلذاذهم لها وحلاوتها عندهم، مع خوفهم منه جل وعلا كما قال تعالى: { { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ } [الرعد: 13].
وقد دلت هذه الآية الكريمة من سورة فصلت على أمرين:
أحدهما: أن الله جل وعلا إن كفر به بعض خلقه، فإن بعضاً آخر من خلقه يؤمنون به، ويطيعونه كما ينبغي، ويلازمون طاعته دائماً بالليل والنهار.
والثاني منهما: أن الملائكة يسبحون الله ويطيعونه دائماً لا يفترون عن ذلك.
وهذان الأمران اللذان دلت عليهما هذه الآية الكريمة، قد جاء كل منهما موضحاً في غير هذا الموضع.
أما الأول منهما: فقد ذكره جل وعلا في قوله:
{ { فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلاۤءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ } [الأنعام: 89].
وأما الثاني منهما: فقد أوضحه تعالى في آيات من كتابه كقوله تعالى في الأنبياء:
{ { وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } [الأنبياء: 19ـ20] وقوله تعالى في آخر الأعراف: { { إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ } [الأعراف: 206] إلى غير ذلك من الآيات. وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: { وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ } [فصلت: 38] أي لا يملون.
والسآمة الملل ومنه قول زهير:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولاً، لا أبا لك، يسأم