التفاسير

< >
عرض

ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ
٧٠
-الزخرف

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى في هذه الآية { وَأَزْوَاجُكُمْ } فيه لعلماء التفسير وجهان:
أحدهما، أن المراد بأزواجهم، نظراؤهم وأشباههم في الطاعة وتقوى الله واقتصر على هذا القول ابن كثير.
والثاني: أن المراد بأزواجهم، نساؤهم في الجنة.
لأن هذا الأخير أبلغ في التنعم والتلذذ من الأول.
ولذا يكثر في القرآن، ذكر إكرام أهل الجنة، بكونهم مع نسائهم دون الامتنان عليهم، بكونهم مع نظرائهم وأشباههم في الطاعة.
قال تعالى:
{ { إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ } [يس: 55-56].
وقال كثير من أهل العلم: إن المراد بالشغل المذكور في الآية، هو افتضاض الأبكار. وقال تعالى:
{ { وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } [الدخان: 54]. وقال تعالى: { { وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } [الواقعة: 22-23]. وقال تعالى: { { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } [الرحمن: 70] إلى قوله: { { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ } [الرحمن: 72]، وقال: { { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ } [الصافات: 48] وقال تعالى: { { وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ ٱلطَّرْفِ أَتْرَابٌ } [ص: 52] إلى غير ذلك من الآيات.
وقد قدمنا: أن مفرد الأزواج زوج بلا هاء، وأن الزوجة بالتاء لغة لا لحن خلافاً لمن زعم أن الزوجة لحن من لحن الفقهاء، وأن ذلك لا أصل له في اللغة.
والحق أن ذلك لغة عربية، ومنه قول الفرزدق:

وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي كساع إلى أسد الشرى يستبيلها

وقول الحماسي:

فبكى بناتي شجوهن وزوجتي والظاعنون إلى ثم تصدع

وفي صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صفية "إنها زوجتي" وقوله { تُحْبَرُونَ } أقوال العلماء فيه راجعة إلى شيء واحد، وهو أنهم يكرمون بأعظم أنواع الإكرام وأتمها.