التفاسير

< >
عرض

فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَٰهُمْ
١٨
-محمد

أضواء البيان في تفسير القرآن

{ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً }.
قد قدمنا الآيات الموضحة له، في سورة الزخرف، في الكلام على قوله تعالى
{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [الزخرف: 66].
قوله تعالى: { فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ }.
التحقيق إن شاء الله تعالى، في معنى هذه الآية الكريمة، أن الكفار يوم القيامة، إذا جاءتهم الساعة، يتذكرون ويؤمنون بالله ورسوله، وأن الإيمان في ذلك الوقت لا ينفعهم لفوات وقته فقوله { ذِكْرَاهُم } مبتدأ خبره { فَأَّنَّى لَهُمْ } أي كيف تنفعهم ذكراهم وأيمانهم بالله، وقد فات الوقت الذي يقبل فيه الإيمان.
والضمير المرفوع في { جَآءَتْهُمْ } عائد إلى الساعة التي هي القيامة.
وهذا المعنى، الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة، من أن الكفار يوم القيامة يؤمنون، ولا ينفعهم إيمانهم جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله تعالى:
{ وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ } [سبأ: 52]، وقوله تعالى: { وَجِيۤءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَى } [الفجر: 23].
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى:
{ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُه } [الأعراف: 53] إلى قوله - { أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } [الأعراف: 53].
فظهر أن قوله { فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } على حذف مضاف، أي أنى لهم نفع ذكراهم.
والذكرى اسم مصدر بمعنى الاتعاظ الحامل على الايمان.