أضواء البيان في تفسير القرآن
قوله تعالى: { فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ }.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أنه إذا أنزل سورة محكمة، أي متقنة الألفاظ والمعاني، واضحة الدلالة، لا نسخ فيها وذكر فيها وجوب قتال الكفار، تسبب عن ذلك، كون الذين فى قلوبهم مرض أي شك ونفاق، ينظرون كنظر الإنسان الذي يغشى عليه لأنه في سياق الموت، لأن نظر من كان كذلك تدور فيه عينه ويزيغ بصره.
وهذا إنما وقع لهم من شدة الخوف من بأس الكفار المأمور بقتالهم.
وقد صرح جل وعلا بأن ذلك من الخوف المذكور في قوله: { فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ } [الأحزاب: 19].
وقد بين تعالى، أن الأغنياء من هؤلاء المنافقين، إذا أنزل الله سورة، فيها الأمر بالجهاد، استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في التخلف عن الجهاد، وذمهم الله على ذلك، وذلك في قوله تعالى: { وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِين رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } [التوبة: 86-87].