التفاسير

< >
عرض

هَـٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ ٱلدِّينِ
٥٦
-الواقعة

أضواء البيان في تفسير القرآن

النزل بضمتين: هو رزق الضيف الذي يقدم له نزوله إكراماً له، ومنه قوله تعالى: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ نُزُلاً } [الكهف: 107]، وربما استعملت العرب النزول في ضد ذلك على سبيل التهكم والاحتقار، وجاء القرآن باستعمال النزول فيما يقدم لأهل النار من العذاب كقوله هنا: في عذابهم المذكور في قولهم: { لآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ } [الواقعة: 52] - إلى قوله - { شُرْبَ ٱلْهِيمِ هَـٰذَا نُزُلُهُمْ } [الواقعة:55-56] أي هذا العذاب المذكور هو ضيافتهم ورزقهم المقدم لهم عند نزولهم في دارهم التي هي النار، كقوله تعالى للكافر الحقير الذليل: { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 49].
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من إطلاق النزول على عذاب أهل النار، جاء موضحاً في غير هذا الموضع كقوله في آخر هذه السورة الكريمة:
{ فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } [بالواقعة: 93-94]، وقوله تعالى في آخر الكهف: { إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً } [الكهف: 102] ونظير ذلك من كلام العرب قول أبي السعد الضبي:

وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا جعلنا القنا والمرهفات له نزلاً

وقوله: { يَوْمَ الدِّينِ } أي يوم الجزاء كما تقدم مراراً.