أضواء البيان في تفسير القرآن
قوله تعالى: { وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ }.
أي لا أحد أظلم ممن قال { سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ } ونظيرها قوله تعالى: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا } [الأنفال: 31]، وقد بين الله تعالى كذبهم في افترائهم هذا حيث تحدى جميع العرب بسورة واحدة منه، كما ذكره تعالى في البقرة بقوله: { { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ } [البقرة: 23]، وفي يونس بقوله: { قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ } [يونس: 38]، وتحداهم في هود بعشر سور مثله في قوله: { { قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ } [هود: 13]، وتحداهم به كله في الطور بقوله: { { فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ } [الطور: 34].
ثم صرح في سورة بني إسرائيل بعجز جميع الخلائق عن الإتيان بمثله في قوله: { { قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً } [الإسراء: 88]، فاتضح بطلان دعواهم الكاذبة.
قوله تعالى: { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ } الآية.
لم يصرح هنا بالشيء الذي بسطوا إليه الأيدي، ولكنه أشار إلى أنه التعذيب بقوله: { { أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ } [الأنعام: 93] الآية، وصرح بذلك في قوله: { { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ يَتَوَفَّى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمَلاۤئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } [الأنفال: 50]، وبين في مواضع أخر أنه يراد ببسط اليد النتاول بالسوء كقوله: { وَيَبْسُطُوۤاْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِٱلسُّوۤءِ } [الممتحنة: 2]، وقوله: { لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي } [المائدة: 28] الآية.