التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ
٦
-الممتحنة

أضواء البيان في تفسير القرآن

إعادة هذه الآية تأكيد على معنى الآية الأولى.
وقوله: { لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ } يفسره ما تقدم من قوله:
{ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِي } [الممتحنة: 1]، لأنها تساويها في الماصدق، وهنا جاء بهذا اللفظ ليدل على العموم، وتكون قضية عامة فيما بعد لكل من يرجو الله واليوم الآخر، أن يتأسى بإبراهيم عليه السلام والذين معه في موقفهم المتقدم.
وقوله تعالى: { وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } التولي هنا الإعراض عن أوامر الله عموماً.
وهنا يحتمل تولي الكفار وموالاتهم، فإن الله غني عنه حميد.
قال ابن عباس: كمل في غناه، ومثله قوله تعالى:
{ فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ وَّٱسْتَغْنَىٰ ٱللَّهُ } [التغابن: 6].
وقد جاء بيان استغناء الله عن طاعة الطائعين عموماً وخصوصاً فجاء في خصوص الحج
{ وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } [آل عمران: 97].
وجاء في العموم قوله تعالى:
{ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ } [إبراهيم: 8]، لأن أعمال العباد لأنفسهم، كما قال تعالى: { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } [العنكبوت: 6].
وكما في الحديث القدسي:
"لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً"
وقد بين تعالى غناه المطلق بقوله: { لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } [لقمان: 26].