التفاسير

< >
عرض

وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ
٧
-الجمعة

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ }.
نص على أنهم لا يتمنون الموت أبداً، وأن السبب هو ما قدمت أيديهم، ولكن ليبين ما هو ما قدمت أيديهم الذي منعهم من تمني الموت.
وقال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه. لا يتمنونه لشدة حرصهم على الحياة كما بينه تعالى بقوله:
{ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ ٱلنَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ } [البقرة: 96] فشدة حرصهم على الحياة لعلمهم أنهم إذا ماتوا دخلوا النار، ولو تمنوا لماتوا من حينهم.
وقوله: { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } الباء سببية والمسبب انتفاء تمنيهم وما قدمت أيديهم من الكفر والمعاصي اهـ.
والذي أشار إليه الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، من الأسباب من كفرهم ومعاصيهم، قد بينه تعالى في موضع آخر صريحاً في قوله تعالى:
{ لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } [آل عمران: 181-182].
فالباء هنا سببية أيضاً أي ذوقوا عذاب الحريق بسبب ما قدمت أيديكم من هذه المذكورات، ولهذا كله لن يتمنوا الموت ويود أحدهم لو يمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر، فقد أيقنوا الهلاك ويئسوا من الآخرة.
كما قال تعالى:
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُواْ مِنَ ٱلآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْقُبُورِ } [الممتحنة: 13] ولهذا كله لم يتمنوا الموت، كما أخبر الله تعالى عنهم. والعلم عند الله تعالى.