التفاسير

< >
عرض

وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً
٨
-الطلاق

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا } الآية.
ذكر الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في مذكرة الإملاء أن كأين بمعنى كم فهي إخبار بعدد كثير، وذك إعرابها، والمعنى كثير من قرية عتت عن أمر ربها أي تكبرت وطغت وتقدم تفصيله للمعنى بالأمثلة والشواهد عند قوله تعالى:
{ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا } [الحج: 45] في سورة الحج.
ومما قدمه رحمة الله تعالى علينا وعليه، ومن قوله تعالى:
{ وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ } [الكهف: 59] بيان لأصحاب الرئاسة ورجال السياسة أن هلاك الدنيا بفساد الدين، وأن أمن القرى وطمأنينة العالم بالحفاظ على الدين.
ومن هنا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عامة الناس للحفاظ على دينهم وسلامة دنياهم، فحمل الشارع مهمته للأمة كلها كل بحسبه باليد أو باللسان أو القلب، وهذا الأخير أضعف الإيمان، ومع ضعفه ففيه الإبقاء على دوام الإحساس بوجود المنكر إلى أن يقدر هو أو غيره على تغييره.
قد بين الله تعالىهذا المفهوم ببيان حال الذين مكنهم في الأرض بنصره في قوله تعالى:
{ ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأُمُورِ } [الحج: 41].
ثم ذكر تعالى الأمم التي كذبت وعتت من قوم نوح وعاد وثمود ولوط وأصحاب مدين.
ثم قال:
{ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ } [الحج: 45].