التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١
-التحريم

أضواء البيان في تفسير القرآن

قول تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ }. الآية.
تقدم في أول السورة قبلها بيان علاقة الامة بالخطاب الخاص به صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف في تحريم ما أحل الله له بين كونه العسل أو هو مارية جاريته صلى الله عليه وسلم، وسيأتي زيادة إيضاحه عند الكلام وعلى حكمه.
وقوله تعالى: { لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ } ظاهر فيه معنى العتاب، كما في قوله تعالى:
{ عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ } [عبس: 1-3].
وكلاهما له علاقة بالجانب الشخصي سواء ابتغاء مرضاة الأزواج، أو استرضاء صناديد قريش، وهذا مما يدل على أن التشريع الإسلامي لا مدخل للأغراض الشخصية فيه.
وبهذا نأخذ بقياس العكس دليلاً واضحاً على بطلان قول القائلين: إن إعماره صلى الله عليه وسلم لعائشة من التنعيم كان تطييباً لخاطرها، ولا يصح لأحد غيرها.
ومحل الاستدلال هو أن من ليس له حق في تحريم ما أحل الله له ابتغاء مرضاة أزواجه لا يحل له إحلال، وتجويز ما لا يجوز ابتغاء مرضاتهن، وهذا ظاهر بين ولله والحمد.
أما تحلة اليمين وكفارة الحنث وغير ذلك، فقد تقدم بيانه للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، عند قوله تعالى:
{ لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱلَّلغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ } [البقرة: 225].
أما حقيقة التحريم هنا، ونوع الكفارة، وهل كفر صلى الله عليه وسلم عن ذلك ام أن الله غفر له فلم يحتج لتكفير، فقد أوضحه الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في مذكرة الإملاء عند هذه الآية.
وفي الأضواء عند قوله تعالى في أول سورة الأحزاب
{ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ ٱللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ } [الأحزاب: 4]، وذلك أن للعلماء نحو عشرين قولاً، ورجح القول بأن التحريم ظهار لما يدل عليه ظاهر القرآن، وأن القول الذي يليه أنه يمين وناقش المسألة بأدلتها هناك.