التفاسير

< >
عرض

إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ
٧
تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ
٨
-الملك

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ }.
قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه في هذه الآية: إثبات أن للنار حساً وإدراكاً وإرادة، والقرآن أثبت للنار أنها تغتاظ وتبصر وتتكلم وتطلب المزيد، كما قال هنا: { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ }.
وقال:
{ إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } [الفرقان: 12].
وقال:
{ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } [قۤ: 30] قوله تعالى: { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ }.
بين تعالى أن للنار خزنة، وقد بين تعالى ان هؤلاء الخزنة هم الملائكة الموكلون بالنار، كما في قوله تعالى:
{ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6].
كما بين عدتهم في قوله تعالى:
{ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } [المدثر: 30].
وقال:
{ وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَابَ ٱلنَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } [المدثر: 31].
وقال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه: دلت هذه الآية على أن أهل النار يدخلونها جماعة بعد جماعة، كما في قوله تعالى:
{ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } [الأعراف: 38].
قوله تعالى: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ }.
قال رحمة الله تعالى علينا وعليه في إملائه: هذا سؤال الملائكة لأهل النار، والنذير بمعنى المنذر، فهو فعيل بمعنى مفعل، وإن ذكر عن الأصمعي إنكاره ونظيره من القرآن: بديع السماوات: بمعنى مبدع، وأليم: بمعنى مؤلم.
ومن كلام العرب قول عمرو بن معد يكرب:

أمن ريحانه الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع

فالسميع بمعنى المسمع.
وقول غيلان:

ويرفع من صدور شمردلات يصد وجوهها وهج أليم

أي مؤلم، والإنذار إعلام مقترن بتخويف.
وقال: وهذه الآية تدل على أن الله تعالى يعذب بالنار أحداً إلا بعد أن ينذره في الدنيا، وقد بين هذا المعنى بأدلته بتوسع عند قوله تعالى:
{ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } [الإسراء: 15]، وساق هذه الآية هناك.