التفاسير

< >
عرض

نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ
١
-القلم

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { نۤ }.
تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور عند الكلام على أول سورة هود: وذكر الأقوال كلها، وهي خمسة أقوال.
فقيل: إنها مما استأثر الله بعلمه أو أنها من أسماء الله، أو مركبة من عدة حروف كل حرف من اسم، أو أسماء للسور، أو أنها للأعجاز، وبينرحمه الله وجه كل قول منها، ورجح الأخير، وأنها للإعجاز بدليل أنه يأتي بعدها دائماً الانتصار للقرآن، وقد بسط البحث بما يكفي ويشفي.
وقال ابن كثير بأقوال أخرى، منها أن { نۤ } [القلم: 1] بمعنى الدواة أي بمناسبة ذكر القلم، وعزاه إلى الحسن وقتادة، وقال إن فيه حديثاً مرفوعاً، ولكن غريب جداً، وهو عن ابن عباس: إن الله خلق النون وهي الدواة، وخلق القلم، فقال: أكتب الحديث.
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"خلق الله النون وهي الدواة"
وذكر ابن جرير كل هذه الأوجه وزاد أوجهاً أخرى: منها انها افتتاحيات لأوائل السور تسترعي انتباه المستمعين، ثم يتلى عيهم ما بعدها. وقيل: هي من حساب الجمل وغير ذلك.
وقد ذكر ابن جرير عند أول سورة الشورى:
{ حـمۤ * عۤسۤقۤ } [الشورى: 1-2] أثراً نقله عنه ابن كثير واستغربه واستنكره، ولكن وقع ما يقرب من مصداقه ومطابقته مطابقة تامة.
ونصه من ابن جرير قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال له وعنده حذيفة بن اليمان: أخبرني عن تفسير قول الله: { حـمۤ * عۤسۤقۤ }، قال فأطرق ثم أعرض عنه، ثم كرر مقالته فأعرض فلم يجبه بشيء، وكره مقالته، ثم كررها الثالثة فلم يجبه شيئاً.
فقال له حذيفة: أنا أنبئك بها، وقد عرفت بم كرهها، نزلت في رجل من أهل بيته يقال له: عبد الإله أو عبد الله ينزل على نهر من أنهار المشرق تنبني عليه مدينتان فشق النهر بينهما شقاً، فإذا أذن الله في زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدنهم، بعث الله على إحداهما ناراً ليلاً فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها، وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفلتت، فما هو إلا بياض يومها ذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم، ثم يخسف الله بها وبهم جميعاً، فذلك قوله: { حـمۤ * عۤسۤقۤ } يعني عزيمة من الله وفتنة وقضاء.
{ حـمۤ * عۤسۤقۤ } يعني عدلاً منه (سين) يعني سيكون { قۤ } يعني واقع بهاتين المدينتين اهـ.
ومع استغراب ابن كثير إياه واستنكاره له، فقد وقع مثل ما يشير إليه الحديث على ثورة العراق على عبد الإله في بغداد، حيث يشقها النهر شقين، وأنه من آل البيت، وقد وقع بها ما جاء وصفه في الأثر المذكور.