التفاسير

< >
عرض

كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ
٤
فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ
٥
-الحاقة

أضواء البيان في تفسير القرآن

والطَّاغية فاعلة من الطُّغيان، وهو مجاوزة الحد مطلقاً، كقوله: { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ } [الحاقة: 11].
وقوله:
{ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } [العلق: 6].
وقد اختلف في معنى الطغيان هنا، فقال قوم: طاغية عاقر الناقة، كما في قوله تعالى:
{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ إِذِ ٱنبَعَثَ أَشْقَاهَا } [الشمس: 11-12] فتكون الباء سببية أي بسبب طاغيتها، وقيل: الطاغية الصيحة الشديدة التي أهلكتهم، بدليل قوله تعالى: { { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلْمُحْتَظِرِ } [القمر: 31] الباء آلية، كقولك: كتبت بالقلم وقطعت بالسكين.
والذي يشهد له القرآن هو المعنى الثاني لقوله تعالى:
{ وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُواْ حَتَّىٰ حِينٍ فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ } [الذاريات: 43-44]، ولو قيل: لا مانع من إرادة المعنيين لأنهما متلازمان تلازم المسبب للسبب، لأن الأول سبب الثاني لما كانوا بعيداً، ويشير إليه قوله تعالى: { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ } [الذاريات: 44].
فالعتو هو الطغيان في الفعل، والصاعقة هي الصيحة الشديدة، وقد ربط بينهما بالفاء.