التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً
١٩
-المعارج

أضواء البيان في تفسير القرآن

الهلوع: فعلو من الهلع صيغة مبالغة، والهلع، قال في الكشاف: شدة سرعة الجزع عند مس المكروه، وسرعة المنع عند مس الخير، وقد فسره الله في الآية { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } [المعارج: 20-21].
وفلظ الإنسان هنا مفرد، ولكن أريد به الجنس أي جنس الإنسان في الجملة بدليل استثناء المصلين بعده في قوله تعالى:
{ إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } [المعارج: 22]، ومثله قوله تعالى: { وَٱلْعَصْرِ إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ } [العصر: 1-3] ونظيره كثير.
وقد قال ابن جرير: إن هذا الوصف بالهلع في الكفار ويدل لما قال أمران:
الأول تفسيره في الآية واستثناء المصلين وما بعده منه، لأن تلك الصفات كلها من خصائص المؤمنين، ولذا عقَّب عليهم بقوله:
{ أُوْلَـٰئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ } [المعارج: 35]، ومفهومه أن المستثنى منه على خلاف ذلك.
والثاني الحديث الصحيح:
"عجباً لأمر المؤمن شأنه كله خير إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن" ، فمفهومه أن غير المؤمنين بخلاف ذلك، وهو الذي ينطبق عليه الوصف المذكور في الآية أنه هلوع.