التفاسير

< >
عرض

إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً
٦
-المزمل

أضواء البيان في تفسير القرآن

أي ما تنشأه من قيام الليل أشد مواطأة للقلب وأقوم قيلاً في التلاوة والتدبر والتأمل، وبالتالي بالتأثر، ففيه إرشاد إلى ما يقابل هذا الثقل فيما سيلقى عليه من القول، فهو بمثابة التوجيه غلى ما يتزود به لتحمل ثقل أعباء الدعوة والرسالة.
وقد سمعت من الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه قوله: لا يثبت القرآن في الصدر ولا يسهل حفظه وييسر فهمه إلا القيام به من جوف الليل، وقد كانرحمه الله تعالى لا يترك ورده من الليل صيفاً أو شتاء، وقد أفاد هذا المعنى قوله تعالى:
{ وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلاَةِ } [البقرة: 45] فكان صلى الله عليه وسلم إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة.
وهكذا هنا فإن ناشئة الليل كانت عوناً له صلى الله عليه وسلم على ما سيلقى عليه من ثقل القول.
مسألة
قيل: إن قيام الليل كان فرضاً عليه صلى الله عليه وسلم قبل أن تفرض الصلوات الخمس لقوله تعالى:
{ وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ } [الإسراء: 79] والنافلة الزيادة، وقيل: كان فرضاً عليه صلى الله عليه وسلم وعلى عامة المسلمين، لقوله تعالى في هذه السورة: { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلْلَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ } [المزمل: 20] ثم خفف هذا كله بقوله:
{ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْآنِ } [المزمل: 20] إلى قوله: { فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَأَقْرِضُواُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً } [المزمل: 20].
ولكنه صلى الله عليه وسلم كان إذا عمل عملاً داوم عليه، فكان يقوم الليل شكراً لله كما في حديث عائشة رضي الله عنها
"أفلا أكون عبداً شكوراً" وبقي سنة لغيره بقدر ما يتيسر لهم. والله تعالى أعلم.