التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ
٨
فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ
٩
عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ
١٠
-المدثر

أضواء البيان في تفسير القرآن

الناقور هو الصور، وأصل الناقور الصوت، وقوله: { يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ }.
وقيل: عسير وغير يسير على الكافرين.
وقال الزمخشري: إن غير يسير كان يكفي عنها يوم عسير، إلا أنه ليبين لهم أن عسره لا يرجى تيسيره، كعسر الدنيا، وأن فيه زيادة وعيد للكافرين.
ونوع بشارة للمؤمنين لسهولته عليهم، ولعل المعنيين مستقلان، وأن قوله تعالى: { يَوْمٌ عَسِيرٌ } هذا كلام مستقل وصف لهذا اليوم، وبيان للجميع شدة هوله، كما جاء في وصفه في قوله تعالى:
{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ } [الحج: 1-2]، ومثل قوله تعالى: { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } [عبس: 34-35] ونحو ذلك.
ثم بين تعالى أن اليوم العسير أنه على الكفارين غير يسير، كما قال تعالى عنهم
{ فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ } [المزمل: 17-18] بينما يكون على المؤمنين يسيراً، مع أنه عسير في ذاته لشدة هو له، إلا أن الله ييسره على المؤمنين، كما بين تعالى هذه الصور بجانبها في قوله تعالى من سورة النمل:
{ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ } [النمل: 87-88] - إلى قوله - { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [النمل: 89-90].
فالفزع من صعقة يوم ينفخ في الصور عام لجميع من في السماوات ومن في الأرض، ولكن استثنى الله من شاء، ثم بين تعالى هؤلاء المستثنين ومن يبقى في الفزع، فبين الآمنين وهم من جاء بالحسنة، والآخرون من جاء بالسيئة.