التفاسير

< >
عرض

هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً
١
إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً
٢
-الإنسان

أضواء البيان في تفسير القرآن

اتفق المفسرون على أن هل هنا بمعنى (قد) أي أن الاستفهام تقريري يستوجب الإجابة عليه بنعم.
ولفظ الإنسان في { هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ }، وقيل هو الإنسان الأول آدم عليه السلام، آتى عليه حين من الدهر، لم يكن شيء يذكر.
وقيل: هو عموم الإنسان من بني آدم فيكون المعنى على الأول، أن آدم عليه السلام أتى عليه حين من الدهر قيل: أربعون سنة.
ذكر عن ابن عباس: كان طيناً ثم صلصالاً حتى نفخ فيه الروح.
ويكون على الثاني أن الإنسان أتى عليه حين من الدهر، هو أربعون يوماً نطفة، ثم أربعون يوماً علقة، ثم أربعون يوماً مضغة، وكل ذلك شيء ولكنه لم يكن مذكوراً، أي ضعيفاً، وكلاهما محتمل.
ولفظ الإنسان الثاني في قوله تعالى: { إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } اتفقوا على أنه عام في بني آدم، لأنه هو الذي خلق من نطفة أمشاج أخلاط، وقد رجح الفخر الرازي أن لفظ الإنسان في الموضعين بمعنى واحد وهو المعنى العام ليستقيم الأسلوب بدون مغايرة بين اللفظين إذ لا قرينة مميزة.
ولعل في السياق قرينة تدل على ما قاله، وهي أن قوله تعالى: { نبتليه } قطعاً لبني آدم، لأن آدم عليه السلام، انتهى أمره بالسمع والطاعة
{ فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } [البقرة: 37] ولم يبق مجال لابتلائه، إنما ذلك لبنيه. والله تعالى أعلم.
وقوله تعالى: { إِنَّا خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ } فيه بيان مبدء خلق الإنسان، وله أطوار في وجوده بعد النطفة علقة ثم مضغة ثم خلقاً آخر، وكل ذلك من لا شيء قبله.
كما قال تعالى:
{ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } [مريم: 9].
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك عند الآية الكريمة { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً }.