التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً
٣٨
-النبأ

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً }.
تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيانه، عند الكلام على قوله تعالى من سورة الكهف:
{ وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً } [الكهف: 48].
وقد ذكر ابن كثير لمعنى الروح هنا سبعة أقوال هي: أرواح بني آدم، أبو بنو آدم أنفسهم، أو خلق من خلق الله على صور بني آدم ليسوا بملائكة ولا بشر، ويأكلون ويشربون، أو جبريل أو القرآن، أو ملك عظيم بقدر جميع المخلوقات. ونقلها الزمخشري وحكاها القرطبي، وزاد: ثامناً وهم حفظة على الملائكة، وتوقف ابن جرير في ترجيح واحد منها.
والذي يشهد له القرآن بمثل هذا النص أنه جبريل عليه السلام، كما في قوله تعالى:
{ تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ } [القدر: 4]، ففيه عطف الملائكة على الروح من باب عطف العام على الخاص، وفي سورة القدر عطف الخاص على العام. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى: { لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ }.
قال الزمخشري: لشدة هول الموقف، وهؤلاء وهم أكرم الخلق على الله وأقربهم إلى الله، لا يتكلمون إلاَّ من أذن له الرحمن، فغيرهم من الخلق من باب أولى.
وقال ابن كثير: هو مثل قوله تعالى:
{ يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [هود: 105] ومثله قوله تعالى: { مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [البقرة: 255].
والواقع أن هذا كله مما يدل على أن ذلك اليوم لا سلطة ولا سلطان لأحد فقط، حتى ولا بكلمة إلاَّ من أذن فيها، كما قال تعالى:
{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [غافر: 16].