التفاسير

< >
عرض

ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً
٣٩
-النبأ

أضواء البيان في تفسير القرآن

قوله تعالى: { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ }.
هو يوم القيامة لاسم الإشارة، وقد أشير إليه بالاسم الخاص بالبعيد ذلك بدلاً من هذا، مع قرب التكلم عنه، ولكن إما لبعده زمانياً عن زمن التحدث عنه، وإما لبعد منزلته وعظم شأنه، كقوله تعالى:
{ الۤمۤ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } [البقرة: 1-2]، وفي هذا عود على بدء في أول السورة، وهو إذا كانوا يتساءلون مستغربين أو منكرين ليوم القيامة، فإنهم سيعلمون حقاً، وها هو اليوم الحق لا لبس فيه ولا شك ليرونه عين اليقين.
قوله تعالى: { فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً }.
المآب: المرجع، كما تقدم مثله
{ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } [المزمل: 19]، فإذا كان هذا اليوم كائناً حقاً، والناس فيه إمَّا إلى جهنم، كانت مرصاداً للطاغين مآبا، وإمَّا مفازاً حدائق وأعناباً، فبعد هذا البيان، فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً، يؤب به عند ربه مآباً يرضاه لنفسه، ومن شاء هنا نص في التخيير، ولكن المقام ليس مقام تخيير، وإنما هو بمثابة قوله تعالى: { فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً } [الكهف: 29] الآية.
فهو إلى التهديد أقرب، كما أن فيه اعتبار مشيئة العبد فيما يسلك، والله تعالى أعلم.
ويدل على التهديد ما جاء بعده.