التفاسير

< >
عرض

فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ
٢٥
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ
٢٦
-النازعات

أضواء البيان في تفسير القرآن

النكال: هو اسم لما جعل نكالاً للغير، أي عقوبة له حتى يعتبر به، والكلمة من الامتناع، ومنه النكول عن اليمين، والنكل القيد. قاله القرطبي.
واختلف في الآخرة والأولى: أهم الدنيا والآخرة؟ أم هم الكلمتان العظيمتان اللتان تكلم بهما فرعون في قوله:
{ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } [القصص: 38].
والثانية قوله:
{ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [النازعات: 24].
قال ابن عباس: وكان بينهما أربعون سنة. وقد اختار ابن كثير الأول، واختار ابن جرير الثاني، ومعه كثير من المفسرين.
ولكن يرد على اختيار ابن كثير: أن السياق قدم الآخرة، مع ان تعذيب فرعون مقدم فيه نكال الأولى، وهي الدنيا.
كما يرد على اختيار ابن جرير، أن الله تعالى جعل أخذه إياه نكالاً، ليعتبر به من يخشى، والعبرة تكون أشد بالمحسوس، وكلمتاه قيلتا في زمنه.
والقرآن يشهد لما قاله ابن كثير، في قوله تعالى:
{ فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً } [يونس: 92]، وهذا هو محل الاعتبار.
وقد قال تعالى بعد الآية:
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } [النازعات: 26].
واسم الإشارة في قوله: إن في ذلك: راجع إلى الأخذ والنكال المذكورين، أي المصدر المفهوم ضمناً في قوله تعالىٰ: { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ } وقوله: نكال، بل إن نكال مصدر بنفسه، أي فأخذه الله ونكل به، وجعل نكاله به عبرة لمن يخشى.