التفاسير

< >
عرض

فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ
٢٤
أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَآءَ صَبّاً
٢٥
ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقّاً
٢٦
فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً
٢٧
وَعِنَباً وَقَضْباً
٢٨
وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً
٢٩
وَحَدَآئِقَ غُلْباً
٣٠
وَفَاكِهَةً وَأَبّاً
٣١
-عبس

أضواء البيان في تفسير القرآن

بعد ما بين له مم خلق، بين له هنا كيف يطعمه، وفي كليهما آية على القدرة.
وقد اتفقت الآيتان على خطوات ثلاث متطابقة فيهما. فصب الماء من السماء إلى الأرض، يقابل دفق الماء في الرحم. وشق الأرض للنبات، يقابل خروجه إلى الدنيا. وإنبات أنواع النباتات، يقابل تقادير الخلق المختلفة.
وفي التنصيص على أنواع النبات من حب وقضب وعنب ورمان وزيتون ونخيل وفواكه متعددة، وحدائق ملتفة، لظهور معنى المغايرة فيها، مع أنها من أصلين مشتركين: الماء من السماء. والتربة في الأرض، يسقى بماء واحد.
ومرة أخرى. يقال للشيوعيين والدهريين:
{ قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ } [عبس: 17-18].
{ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً } [الواقعة: 58-65].
إنَّهم بلا شك لا يدعون لأنفسهم فعل شيء من ذلك. وإنهم ليعلمون أن لها خالقاً مدبراً. ولكنهم يكابرون.
{ وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ } [النمل: 14]، صدق الله العظيم، وكذب كل كفار أثيم.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، بيان خلق الإنسان في مواطن متعددة سابقة آخرها في سورة الرحمن
{ خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ } [الرحمن: 14]، وبيان طعامه في كل من سورتي الواقعة والجاثية.