التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ
١٩
-الانفطار

أضواء البيان في تفسير القرآن

أي لشدة هوله وضعف الخلائق، كما تقدم في قوله تعالى: { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } [عبس: 34-35]، وقوله: { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 37].
ولحديث الشفاعة:
"كل نبي يقول: نفسي نفسي، إلى أن تنتهي إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها" .
وحديث فاطمة: "اعملي....".
وقوله تعالى:
{ مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [البقرة: 255]، ونحو ذلك.
وقوله: { وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }، ظاهر هذه الآية تقييد الأمر بالظرف المذكور، ولكن الأمر لله في ذلك اليوم، وقيل ذلك اليوم، كما في قوله تعالى:
{ لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ } [الروم: 4].
وقوله:
{ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ } [الأعراف: 54]، أي يتصرف في خلقه بما يشاء من أمره لا يشركه أحد، كما لا يشركه أحد في خلقه.
ولذا قال لرسوله صلى الله عليه وسلم:
{ قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ } [آل عمران: 154].
وقال:
{ لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ } [آل عمران: 128] ونحو ذلك.
ولكن جاء الظرف هنا لزيادة تأكيد، لأنه قد يكون في الدنيا لبعض الناس بعض الأوامر، كما في مثل قوله تعالى:
{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ } [طه: 132].
وقوله:
{ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59].
وقوله:
{ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } [هود: 97]، وهي كلها في الواقع أوامر نسبية. وما تشاءون إلا أن يشاء الله.
ولكن يوم القيامة حقيقة الأمر كله، والملك كله لله تعالى وحده، لقوله تعالى:
{ لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [غافر: 16].
فلا أمر مع أمره، ولا متقدم عليه حتى ولا بكلمة، إلاَّ من أذن له الرحمن وقال صواباً، وهو كقوله:
{ ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ } [الفرقان: 26]، مع أن هنا في الدنيا ملوكاً، كما في قصة يوسف، { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ } [يوسف: 50].
وفي قصة الخضر وموسى
{ وَكَانَ وَرَآءَهُم مَّلِكٌ } [الكهف: 79].
أما يوم القيامة فيكونون كما قال تعالى:
{ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ } [الأنعام: 94].
وكقوله:
{ هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } [الحاقة: 29]، فقد ذهب كل سلطان ولك ملك، والملك يومئذ لله الواحد القهار.