التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ
٣
-الانشقاق

أضواء البيان في تفسير القرآن

أي سويت وأزيلت جبالها، وسويت وهادها، كما قال تعالى: { { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } [طه: 105-107].
ومن هذا الحديث عن ابن عباس وعن علي. وساق هذا الثاني ابن كثير عن ابن جرير بسنده إلى علي بن الحسين أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم، حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه، فأكون أول من يدعى" الحديث.
وعن ابن عباس
"تمد كما يمد الأديم العكاظي" .
وعند القرطبي عن ابن عباس "يزاد فيها كذا وكذا" .
وقال الرازي: هو بمعنى تبدل الأرض غير الأرض، والواقع أن استبدال الأرض غير الأرض ليس على معنى الذهاب بهذه الموجودة والإتيان بأرض جديدة، لما جاء في حديث الأذان: "ما من حجر ولا مدر ولا شجر، يسمع صوت المؤذن إلا سيشهد له يوم القيامة" والذي يؤتى له من جديد، لا يتأَتى له أن يشهد على شيء لم يشهده، وعلى كل فإن تسيير الجبال وتسوية الأرض لا شك أنه يوجد زيادة في وجه الأرض ومساحتها، فسواء مدت بكذا وكذا. كما قال ابن عباس، أو مدت بتوسعة أديمها وزيد في بسطها، بعد أن تلقى ما في جوفها كالشيء السميك إذا ما ضغط، فخفت سماكته وزادت مساحته، كما يشير إليه قوله تعالى: { { كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ ٱلأَرْضُ دَكّاً دَكّاً } [الفجر: 21].
وقوله:
{ { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ * وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } [الحاقة: 13-16].
فيكون مد الأرض بسبب دكها، فيزاد في بسطها، ولعل هذا الوجه هو ما يشهد له القرآن لجمع الأمرين هنا وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء، فهو وفق ما في هذه السورة
{ { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } [الانشقاق: 1] وبعدها { { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } [الانشقاق: 3] والله أعلم.