التفاسير

< >
عرض

وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ
٨
-البروج

أضواء البيان في تفسير القرآن

هذا ما يسمى أسلوب المدح بما يشبه الذم ونظيره في العربية أقوال الشاعر:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكَتائب

وذكر أبو حيان قول الشاعر: وهو قيس الرقيات:

ما نقموا من بني أمية إلا أنهم يحلمون إن غضبُوا

وقول الآخر:

ولا عَيب فيها غَير شكله عينها كذاك عناق الطَّير شكلا عيونها

يقال عين شكلاء: إذا كان في بياضها حمرة قليلة يسيرة.
وقدمنا أن نقمتهم عليهم للمستقبل، كما في قوله تعالى: { إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ } [البروج: 8]، لا على الماضي إلا أن آمنوا، لأنهم كانوا يقولون لهم: إما أن ترجعوا عن دينكم، وإما أن تلقوا في النار، ولم يحرقوهم على إيمانهم السابق، بل على إصرارهم على الإيمان للمستقبل.
والإتيان هنا بصفتي الله تعالى العزيز الحميد إشعار بأنه سبحانه قادر على نصرة المؤمنين والانتقام من الكافرين، إذ العزيز هو الغالب، كما يقولون: من عزّ بز، ولكن جاء وصفه بالحميد، ليشعر بأمرين.
الأول: أن المؤمنين آمنوا رغبة ورهبة، رغبة في الحميد على ما يأتي الغفور الودود، ورهبة من العزيز كما سيأتي في قوله:
{ { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } [البروج: 12]، وهذا كمال الإيمان رغبة ورهبة وأحسن حالات المؤمن.
والأمر الثاني: حتى لا ييأس أولئك الكفار من فضله ورحمته، كما قال:
{ { ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ } [البروج: 10]، إذ أعطاهم المهلة من آثار صفته الحميد سبحانه.