التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ
٣
-الأعلى

أضواء البيان في تفسير القرآن

أطلق هنا التقدير ليعم كل مقدور، وهو عائد على كل مخلوق، لأن من لوازم الخلق التقدير، كما قال تعالى: { { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } [القمر: 49]، وقوله: { { قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } [الطلاق: 3]، وهذه الآية ومثيلاتها من أعظم آيات القدرة، وقد جمعها تعالى عند التعريف التام لله تعالى، لما سأل فرعون نبي الله موسى عن ربه قال: { { فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ * قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } [طه: 49-50].
وقد تقدم بيان عموم قوله تعالى:
{ { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ } [الأعلى: 2] وهنا قدر كل ما خلق، وهدى كل مخلوق إلى الله ما قدره له، ففي العالم العلوي قدَّر مقادير الأمور، وهدَى الملائكة لتنفيذها، وقدَّر الأفلاك، وهداها إلى ما قدر لها، كل في فلك يسبحون.
وفي الأشجار والنباتات قدر لها أزمنة معينة في إيتائها وهدايتها إلى ما قدر لها، فالجذر ينزل إلى أسفل والنبتة تنمو إلى أعلى، وهكذا الحيوانات في تلقيحها ونتاجها وإرضاعها، كل قد هداه إلى ما قدر له، وهكذا الإنسان.
وقد قال الفخر الرازي: إن العالم كله داخل تحت منطوق هذه الآية.
أما معناه بالتفصيل، فتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة طه عند الكلام على قوله تعالى:
{ { قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } [طه: 50].