التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ
١
وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ
٢
ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ
٣
وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ
٤
-الشرح

أضواء البيان في تفسير القرآن

ذكر تعالى هنا ثلاث مسائل: شرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر.
وهي وإن كانت مصدرة بالاستفهام، فهو استفهام تقريري لتقرير الإثبات، فقوله تعالى { أَلَمْ نَشْرَحْ } بمعنى شرحنا على المبدأ المعروف، من أن نفي إثبات. وذلك لأن همزة الاستفهام وهي فيها معنى النفي دخلت على لم وهي للنفي، فترافعا فبقي الفعل مثبتاً،. قالوا: ومثله قوله تعالى:
{ { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } [الزمر: 36]. وقوله: { { قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً } [الشعراء: 18].
وعليه قول الشاعر:

ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح

فتقرر بذلك أنه تعالى يعدد عليه نعمة العظمى، وقد ذكرنا سابقاً ارتباط هذه السورة بالتي قبلها في تتمة نعم الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم.
وروى النيسابوري عن عطاء وعمر بن عبد العزيز: أنهما كانا يقولان: هذه السورة وسورة الضحى سورة واحدة، وكانا يقرآنهما في الركعة الواحدة، وما كانا يفصلان بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم والذي دعاهما إلى ذلك هو قوله تعالى: { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } كالعطف على قوله:
{ { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً } [الضحى: 6]، ورد هذا الادعاء -أي من كونهما سورة واحدة- وعلى كل فإن هذا إذا لم يجعلهما سورة واحدة فإنه يجعلهما مرتبطتين. معاً في المعنى، كما في الأنفال والتوبة.
واختلف في معنى شرح الصدر، إلاَّ أنه لا منافاة فيما قالوا، وكلها يكمل بعضها بعضاً.
فقيل: هو شق الصدر سواء كان مرة أو أكثر، وغسله وملؤه إيماناً وحكمه، كما في رواية مالك بن صعصعة في ليلة الإسراء، ورواية أبي هريرة في غيرها.
وفيه كما في رواية أحمد: أنه شق صدره وأخرج منه الغل والحسد، في شيء كهيئة العلقة، وأدخلت الرأفة والرحمة.
وقيل: شرح الصدر، إنما هو توسيعه للمعرفة والإيمان ومعرفة الحق، وجعل قلبه وعاء للحكمة.
وفي البخاري عن ابن عباس
"شرح الله صدره للإسلام" .
وعند ابن كثير: نورناه وجعلناه فسيحاً رحيباً واسعاً، كقوله { { فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ } [الأنعام: 125].
والذي يشهد له القرآن: أن الشرح هو الانشراح والارتياح. وهذه حالة نتيجة استقرار الإيمان والمعرفة والنور والحكمة. كما في قوله تعالى:
{ { أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } [الزمر: 22]، فقوله: فهو على نور من ربه: بيان لشرح الصدر للإسلام.
كما أن ضيق الصدر، دليل على الضلال، كما في نفس الآية
{ { وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً } [الأنعام: 125] الآية.
وفي حاشية الشيخ زادة علي البيضاوي قال: لم يشرح صدر أحد من العالمين، كما شرح صدره عليه السلام، حتى وسع علوم الأولين والآخرين فقال:
"أوتيت جوامع الكلم" ا هـ.
ومراده بعلوم الأولين والآخرين، ما جاء في القرآن من أخبار الأمم الماضية مع رسلهم وأخبار المعاد، وما بينه وبين ذلك مما علمه الله تعالى.
والذي يظهر والله تعالى أعلم: أن شرح الصدر الممتن به عليه صلى الله عليه وسلم، أوسع وأعم من ذلك، حتى إنه ليشمل صبره وصفحه وعفوه عن أعدائه، ومقابلته الإساءة بالإحسان، حتى إنه ليسع العدو، كما يسع الصديق.
كقصة عودته من ثقيف: أذا آذوه سفهاؤهم، حتى ضاق ملك الجبال بفعلهم، وقال له جبريل: إن ملك الجبال معي، إن أردت أن يطبق عليهم الأخشبين فعل، فينشرح صدره إلى ما هو أبعد من ذلك، ولكأنهم لم يسيؤوا إليه فيقول:
"اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون، إني لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله" .
وتلك أعظم نعمة وأقوى عدة في تبليغ الدعوة وتحمل أعباء الرسالة، ولذا توجه نبي الله موسى إلى ربه يطلبه إياها، لما كلف الذهاب إلى الطاغية فرعون كما في قوله تعالى: { { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * قَالَ رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِي * وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُواْ قَوْلِي * وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي } [طه: 24-31] إلى آخر السياق.
فذكر هنا من دواعي العون على أداء الرسالة أربعة عوامل: بدأها بشرح الصدر، ثم تيسير الأمر، وهذان عاملان ذاتيان، ثم الوسيلة بينه وبين فرعون، وهو اللسان في الإقناع،
{ { وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُواْ قَوْلِي } [طه: 27-28]، ثم العامل المادي أخيراً في المؤازرة، { { وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي } [طه: 29-31]، فقدم شرح الصدر على هذا كله لأهميته، لأنه به يقابل كل الصعاب، ولذا قابل به ما جاء به السحرة من سحر عظيم وما قابلهم به فرعون من عنت أعظم.
وقد بين تعالى من دواعي انشراح الصدر وإنارته، ما يكون من رفعة وحكمة وتيسير، وقد يكون من هذا الباب مما يساعد عليه تلقي تلك التعاليم من الوحي، كقوله تعالى:
{ { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } [الأعراف: 199]، وكقوله: { { وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ } [آل عمران: 134]، مما لا يتأتى إلا ممن شرح الله صدره.
ومما يعين الملازمة عليه على انشراح الصدر، وفعلاً قد صبر على أذى المشركين بمكة ومخادعة المنافقين بالمدينة، وتلقى كل ذلك بصدر رحب.
وفي هذا كما قدمنا توجيه لكل داعية إلى الله، أن يكون رحب الصدر هادئ النفس متجملاً بالصبر.
وقوله: { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ }، والوضع يكون للحط والتخفيف، ويكون للحمل والتثقيل، فإن عدي بعن كان للحط، وإن عدي بعلى كان للحمل، في قولهم: وضعت عنك: ووضعت عليك، والوزر لغة الثقل.
ومنه: حتى تضع الحرب أوزارها، أي ثقلها من سلاح ونحوه.
ومنه الوزير: المتحمل ثقل أميره وشغله، وشرعاً الذنب كما في الحديث:
"ومن سنَّ سنة سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إل يوم القيامة" ، وقد يتعاوران في التعبير كقوله تعالى: { { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً } [النحل: 25]، وقوله مرة أخرى { { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } [العنكبوت: 13].
وقد أفرد لفظ الوزر هنا وأطلق، ولم يبين ما هو وما نوعه، فاختلف فيه اختلافاً كثيراً.
فقيل: ما كان فيه من أمر الجاهلية، وحفظه من مشاركته معهم، فلم يلحقه شيء منه.
وقيل: ثقل تألمه مما كان عليه قومه، ولم يستطع تغييره، وشفقته صلى الله عليه وسلم بهم، أي كقوله تعالى:
{ { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً } [الكهف: 6]، أي أسفاً عليهم.
وقال أبو حيان: هو كناية عن عصمته صلى الله عليه وسلم من الذنوب، وتطهيره من الأرجاس.
وقال ابن جرير: وغفرنا لك ما سلف من ذنوبك، وحططنا عنك ثقل أيام الجاهلية التي كنت فيها.
وقال ابن كثير: هو بمعنى
{ { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [الفتح: 2].
فكلام أبي حيان: يدل على العصمة، وكلام ابن جرير يدل على شيء في الجاهلية، وكلام ابن كثير مجمل.
وفي هذا المجال مبحث عصمة الأنبياء عموماً، وهو مبحث أصولي تحققه كتب الأصول لسلامة الدعوة، وقد تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بحثه في سورة طه عند الكلام على قوله تعالى:
{ { وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } [طه: 121]، وأورد كلام المعتزلة والشيعة والحشوية، ومقياس ذلك، عقلاً وشرعاً، وفي سورة ص عند قوله تعالى: { { وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ } [ص: 24]،
ونبه عندها على أن كل ما يقال في داود عليه السلام حول هذا المعنى، كله إسرائيليات لا تليق بمقام النبوة. 1هـ.
أما في خصوصه صلى الله عليه وسلم، فإنا نورد الآتي: إنه مهما يكن من شيء، فإن عصمته صلى الله عليه وسلم من الكبائر والصغائر بعد البعثة يجب القطع بها، لنص القرآن الكريم في قوله تعالى:
{ { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } [الأحزاب: 21]، لوجوب التأسي به وامتناع أن يكون فيه شيء من ذلك قطعاً.
أما قبل البعثة، فالعصمة من الكبائر أيضاً، يجب الجزم بها لأنه صلى الله عليه وسلم كان في مقام التهيؤ للنبوة من صغره، وقد شق صدره في سن الرضاع، وأخرج منه حظ الشيطان، ثم إنه لو كان قد وضع منه شيء لأخذوه عليه حين عارضوه في دعوته، ولم يذكر من ذلك ولا شيء فلم يبق إلا القول في الصغائر، فهي دائرة بين الجواز والمنع، فإن كانت جائزة ووقعت، فلا تمس مقامه صلى الله عليه وسلم لوقوعها قبل البعثة والتكليف، وأنها قد غفرت وحط عنها ثقلها، فإن لم تقع ولم تكن جائزة في حقه، فهذا المطلوب.
وقد ساق الألوسيرحمه الله في تفسيره: أن عمه أبا طالب، قال لأخيه العباس يوماً: "لقد ضمته إليّ وما فارقته ليلاً ولا نهاراً ولا ائتمنت عليه أحداً"، وذكر قصة بنيه ومنامه في وسط أولاده أول الليل، ثم نقله أباه محل أحد أبنائه حفاظاً عليه، ثم قال: "ولم أر منه كذبة ولا ضحكاً ولا جاهلية، ولا وقف مع الصبيان وهم يلعبون".
وذكرت كتب التفسير أنه صلى الله عليه وسلم أراد مرة في صغره أن يذهب لمحل عرس ليرى ما فيه، فلما دنا منه أخذه النوم ولم يصح إلا على حر الشمس، فصانه الله من رؤية أو سماع، شيء من ذلك.
ومنه قصة مشاركته في بناء الكعبة حن تعرى ومنع منه حالاً، وعلى المنع من وقوع شيء منه صلى الله عليه وسلم بقي الجواب على معنى الآية، فيقال والله تعالى أعلم: إنه تكريم له صلى الله عليه وسلم كما جاء في أهل بدر، قوله صلى الله عليه وسلم:
"لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم" مع أنهم لن يفعلوا محرماً بذلك، ولكنه تكريم لهم ورفع لمنزلتهم.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يتوب ويستغفر ويقوم الليل حتى تورَّمت قدماه، وقال:
"أفلا أكون عبداً شكوراً" .
فكان كل ذلك منه شكراً لله تعالى، ورفعاً لدرجاته صلى الله عليه وسلم.
وقد جاء:
"النعم العبد صهيب، لو لم يخف الله لم يعصه" ، وهو حسنة من حسناته صلى الله عليه وسلم.
أو أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتد على نفسه بالتقصير، ويعتبر ذنباً يستثقله ويستغفر منه، كما كان إذا خرج من الخلاء قال:
"غفرانك" .
ومعلوم أنه ليس من موجب للاستغفار، إلا ما قيل شعوره بترك الذكر في تلك الحالة، استوجب منه ذلك.
وقد استحسن العلماء قول الجنيد: حسنات الأبرار سيئات المقربين، أو أن المراد مثل ما جاء في القرآن من بعض اجتهاداته صلى الله عليه وسلم، وفي سبيل الدعوة، فيرد اجتهاده فيعظم عليه كقصة ابن مكتوم، وعوتب فيه
{ { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ } [عبس: 1-2]، الآية، ونظيرها ولو كان بعد نزول هذه السورة، إلا أنه من باب واحد كقوله: { { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } [التوبة: 43]، وقصة أسارى بدر، وقوله: { { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ } [عمران: 128]، واجتهاده في إيمان عمه، حتى قيل له: { { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } [القصص: 56]، ونحو ذلك. فتحمل الآية عليه، أو أن الوزر بمعناه اللغوي، وهو ما كان يثقله من أعباء الدعوة، وتبليغ الرسالة، كما ذكر ابن كثير في سورة الإسراء عن الإمام أحمد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لما كان ليلة أُسري بي فأصبحت بمكة فظعت، وعرفت أن الناس مكذّبي، فقعدت معتزلاً حزيناً، فمرَّ بي أبو جهل، فجاء حتى جلس إليه، فقال له كالمستهزئ: هل كان من شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، وقصّ عليه الإسراء" .
ففيه التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم فظع، والفظاعة: ثقل وحزن، والحزن: ثقل. وتوقع تكذيبهم إياه أثقل على النفس من كل شيء. والله تعالى أعلم.
وقوله تعالى: { ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ }، أي ثقله مشعر بأن للذنب ثقلاً على المؤمن ينوء به، ولا يخففه إلا التوبة وحطه عنه.
وقوله: { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }، لم يبين هنا بم ولا كيف رفع له ذكره، والرفع يكون حسياً ويكون معنوياً، فاختلف في المراد به أيضاً.
فقيل: هو حسي في الأذان والإقامة، وفي الخطب على المنابر وافتتاحيات الكلام في الأمور الهامة، واستدلوا لذلك بالواقع فعلاً، واستشهدوا بقول حسان رضي الله عنه، وهي أبيات في ديوانه من قصيدة دالية:

أغر عليه للنبوة خاتم من الله مشهود يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النَّبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق له من اسمه ليجله فذوا العرش محمود وهذا محمد

ومن رفع الذكر معنى أي من الرفعة، ذكره صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء قبله، حتى عرف للأمم الماضية قبل مجيئه.
وقد نص القرآن أن الله جعل الوحي ذكراً له ولقومه، في قوله تعالى:
{ { فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } [الزخرف: 43-44]، ومعلوم أن ذكر قومه ذكر له، كما قال الشاعر:

وكم أب قد علا بابن ذرى رتب كما علت برسول الله عدنان

فتبين أن رفع ذكره صلى الله عليه وسلم، إنما هو عن طريق الوحي سواء كان بنصوص من توجيه الخطاب إليه بمثل { { يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ } [المائدة: 41]، { { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ } [الأنفال: 64]، { { يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ } [المدثر: 1]، والتصريح باسمه في مقام الرسالة { { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ } [الفتح: 29]، أو كان في فروع التشريع، كما تقدم في أذان وإقامة وتشهد وخطب وصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم.