التفاسير

< >
عرض

إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ
١
وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً
٢
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً
٣
-النصر

الوسيط في تفسير القرآن الكريم

النصر: التغلب على العدو، والإِعانة على بلوغ الغاية، ومنه قولهم: قد نصر الغيث الأرض، أى: أعان على إظهار نباتها.
والمراد به هنا: إعانة الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم على أعدائه، حتى حقق له النصر عليهم.
والفتح: يطلق على فتح البلاد عَنْوَةً والتغلب على أهلها، ويطلق على الفصل والحكم بين الناس، ومنه قوله - تعالى -:
{ رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ } والمراد به: هنا فتح مكة. وما ترتب عليه من إعزاز الدين، وإظهار كلمة الحق.
قال الإِمام ابن كثير: والمراد بالفتح هنا فتح مكة قولا واحدا، فإن أحياء العرب كانت تتلوم - أى: تنتظر - بإسلامها فتح مكة، يقولون: إن ظهر على قومه فهو نبى، فلما فتح الله عليه مكة، دخلوا فى دين الله أفواجا، فلم تمض سنتان حتى استوسقت - أى: اجتمعت - جزيرة العرب على الإِيمان، ولم يبق فى سائر قبائل العرب إلا مظهر للإِسلام، ولله الحمد والمنة.
والأفواج: جمع فوج، وهو الجماعة والطائفة من الناس وقوله { فَسَبِّحْ } جواب إذا.
والمعنى: إذا أتم الله - عليك - أيها الرسول الكريم - وعلى أصحابك النصر، وصارت لكم الكلمة العليا على أعدائكم، وفتح لكم مكة، وشاهدت الناس يدخلون فى دين الإِسلام، جماعات ثم جماعات كثيرة بدون قتال يذكر.
إذا علمت ورأيت كل ذلك، فداوم وواظب على تسبيح ربك، وتنزيهه عن كل ما لا يليق به شكرا له على نعمه، وداوم - أيضا - على طلب مغفرته لك وللمؤمنين.
{ إنه } عز وجل - { كان } وما زال { توابا } أى: كثير القبول لتوبة عباده التائبين إليه، كما قال - سبحانه -:
{ وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } نسأل الله - تعالى - أن يجعلنا من عباده التائبين توبة صادقة نصوحا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.