التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٣٠
فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَـٰذَا بَشَراً إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ
٣١
قَالَتْ فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَٱسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن ٱلصَّاغِرِينَ
٣٢
قَالَ رَبِّ ٱلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلْجَاهِلِينَ
٣٣
فَٱسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٣٤
-يوسف

الوسيط في تفسير القرآن الكريم

قوله - سبحانه - { وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ.. } حكاية لما تناقلته الألسنة عن امرأة العزيز، فقد جرت العادة بين النساء، أن يتحدثن عن أمثال هذه الأمور فى مجالسهن، ولا يكتمنها خصوصا إذا كانت صاحبة الحادثة من نساء الطبقة المرموقة.. كامرأة العزيز.
والنسوة: اسم جمع لا واحد له من لفظه، ومفرده حيث المعنى: امرأة.
والمراد بالمدينة: مدينة مصر التى كان يعيش فيها العزيز وزوجته والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لنسوة.
أى: وقال نسوة من نساء مدينة مصر - على سبيل النقد والتشهير والتعجب - إن امرأة العزيز، صاحبة المكانة العالية، والمنزلة الرفيعة، بلغ بها الحال فى انقيادها لهواها، وفى خروجها عن طريق العفة.. أنها تراود فتاها عن نفسه، أى: تطلب منه مواقعتها، وتتخذ لبلوغ غرضها شتى الوسائل والحيل.
ولم يبين لنا القرآن الكريم عدد هؤلاء النسوة ولا صفاتهم، لأنه لا يتعلق بذلك غرض نافع، ولأن الذى يهدف إليه القرآن الكريم هو بيان أن ما حدث بين يوسف وامرأة العزيز، قد شاع أمره بين عدد من النساء فى مدينة كبيرة كمصر وفى وصفها بأنها "ٱمْرَأَةُ ٱلْعَزِيزِ" زيادة فى التشهير بها. فقد جرت العادة بين الناس، بأن ما يتعلق بأصحاب المناصب الرفيعة من أحداث، يكون أكثر انتشارا بينهم، وأشد فى النقد والتجريح.
والتعبير بالمضارع فى قوله - سبحانه - { تُرَاوِدُ } يشعر بأنها كانت مستمرة على ذلك، دون أن يمنعها منه افتضاح أمرها، وقول زوجها لها { وَٱسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلْخَاطِئِينَ }
والمراد بفتاها يوسف - عليه السلام - ووصفْتَه بذلك لأنه كان فى خدمتها، والمبالغة فى رميها بسوء السلوك، حيث بلغ بها الحال فى احتقار نفسها، أن تكون مراودة لشخص هو خادم لها..
وجملة { قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً } بيان لحالها معه، وهى فى محل نصب حال من فاعل تراود أو من مفعوله والمقصود بها تكرير لومها، وتأكيد انقيادها لشهواتها.
وشغف مأخوذ من الشغاف - بكسر الشين - وهو غلاف القلب، أو سويداؤه أو حجابه، يقال: شغف الهوى قلب فلان شغفا، أى بلغ شغافه.
والمراد أن حبها إياه قد شق شغاف قلبها. وتمكن منه تمكنا لا مزيد عليه و "حبا" تمييز محول عن الفاعل، والأصل: شغفها حبها إياه.
وجملة { إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } مقررة لمضمون ما قبلها من لوم امرأة العزيز، وتحقير سلوكها، والمراد بالضلال: مخالفة طريق الصواب.
أى: إنا لنرى هذه المرأة بعين بصيرتنا، وصادق علمنا. فى خطأ عظيم واضح بحيث لا يخفى على أحد من العقلاء، لأنها - وهى المرأة المرموقة وزوجة الرجل الكبير - تراود خادمها عن نفسه.
والتعبير "بإنا لنراها.." للإِشعار بأن حكمهن عليها بالضلال ليس عن جهل، وإنما هو عن علم وروية، مع التلويح بأنهن يتنزهن عن مثل هذا الضلال المبين الصادر عنها.
قال صاحب المنار: "وهن ما قلن هذا إنكاراً للمنكر، وكرها للرذيلة، ولا حبا فى المعروف، ونصرا للفضيلة. وإنما قلنه مكرا وحيلة، ليصل إليها قولهن فيحملها على دعوتهن، وإراءتهن بأعين أبصارهن، ما يبطل ما يدعين رؤيته بأعين بصائرهن، فيعذرنها فيما عذلنها عليه فهو مكر لا رأى".
وهنا تحكى السورة الكريمة كيف قابلت تلك المرأة الداهية الجريئة، مكر بنات جنسها وطبقتها بمكر أشد من مكرهن بها فقال - تعالى -:
{ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ } أى: باغتيابهن لها. وسوء مقالتهن فيها، وسمى ذلك مكرا لشبهه به فى الإِخفاء والخداع.
أو قصدن بما قلنه - كما سبق أن أشرنا - إثارتها، لكى تطلعهن على فتاها الذى راودته عن نفسه، ليعرفن السر فى هذه المراودة، وعلى هذا يكون المكر على حقيقته. ومثل هذا المكر ليس غريبا على النساء فى مثل هذه الأحوال.
وقوله: { أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ.. } الخ بيان لما فعلته معهن.
أى: أرسلت إلى النسوة اللائى وصفنها بأنها فى ضلال مبين، ودعتهن إلى الحضور إليها فى دارها لتناول الطعام.
{ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئاً } أى: وهيأت لهن فى مجلس طعامها، ما يتكئن عليه من الوسائد والنمارق وما يشبه ذلك.
فالمتكأ: اسم مفعول من الإتكاء، وهو الميل إلى أحد الجانبين فى الجلوس كما جرت بذلك عادة المترفين عند تناول الطعام، وعندما يريدون إطالة المكث مع انتصاب قليل فى النصف الأعلى من الجسم والاستراحة بعد الأكل.
أخرج ابن شيبة عن جابر عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يأكل الرجل بشماله، وأن يأكل متكئا.
{ وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً } أى: وأعطت كل واحدة من هؤلاء النسوة سكينا ليقطعن به ما يأكلن من لحم وفاكهة.
ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن الحضارة المادية فى مصر فى ذلك الوقت كانت قد بلغت شأوا بعيدا، وأن الترف فى القصور كان عظيما، فإن استعمال السكاكين فى الأكل قبل هذه الآلاف من السنين له قيمته فى تصوير الترف والحضارة المادية".
وهنا نجد المرأة الجريئة الماكرة، تقول ليوسف - عليه السلام - كما حكى القرآن عنها: { ٱخْرُجْ عَلَيْهِنَّ } أى ابرز لهن، وادخل عليهن، وهن على تلك الحالة من الأكل والاتكاء وتقطيع ما يحتاج إلى تقطيع الطعام..
وهى ترمى من وراء خروجه عليهن إلى إطلاعهن عليه حتى يعذرنها فى حبها له وقد كان لهذه المفاجأة من يوسف لهن وهن مشغولات بما يقطعنه ويأكلنه، أثرها الشديد فى نفوسهن، وهذا ما حكاه القرآن الكريم فى قوله: { فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ للَّهِ مَا هَـٰذَا بَشَراً إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ }.
والجملة الكريمة معطوفة على كلام محذوف دل عليه السياق، والتقدير: قالت امرأة العزيز ليوسف اخرج عليهن، فخرج عليهن وهن على تلك الحالة فلما رأينه أكبرنه، أى: أعظمنه، ودهشن لهيئته، وجمال طلعته وحسن شمائله.
{ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } أى: جرحن أيديهن وخدشنها بالسكاكين التى فى أيديهن دون أن يشعرن بذلك، لشدة دهشتهن المفاجئة بهيئة يوسف..
{ وَقُلْنَ حَاشَ للَّهِ مَا هَـٰذَا بَشَراً } وحاش فعل ماض، واللام فى "لله" للتعليل، والمراد بهذه الجملة الكريمة التعبير عن عجيب صنع الله فى خلقه أى: وقلن عندما فوجئن بخروج يوسف عليهن: تنزه الله - تعالى - تنزيها كبيرا عن صفات العجز، ونتعجب تعجبا شديدا من قدرته - سبحانه - على خلق هذا الجمال البديع، وما هذا الذى نراه أمامنا بشرا كسائر البشر، لتفوقه فى الحسن عنهم، وإنما هو ملك كريم من الملائكة المقربين تمثل فى هذه الصورة البديعة التى تخلب الألباب.
ووصفوه بذلك بناء على ما ركز فى الطباع من تشبيه ما هو مفرط فى الجمال والعفة بالملك وتشبيه ما هو شديد القبح والسوء بالشيطان.
وهنا شعرت امرأة العزيز بانتصارها على بنات جنسها، الائى عذلنها فى حبها ليوسف، فقالت لهن على سبيل التفاخر والتشفى، وبدون استحياء أو تلميح: { قَالَتْ فَذٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ }.
والفاء هنا فصيحة، والخطاب للنسوة اللائى قطعن أيديهن دهشا من جمال يوسف، والإِشارة إليه - عليه السلام -.
أى: قالت لهن على سبيل التشفى والتباهى والاعتذار عما صدر منها معه: إن كان الأمر كما قلتن، فذلك هو الملك الكريم الذى لمتننى فى حبى له، وقلتن ما قلتن فى شأنى لافتتانى به، فالآن بعد رؤيتكن له، وتقطيع أيديكن ذهولا لطلعته، قد علمتن أنى معذورة فيما حدث منى معه..
ثم جاهرت أمامهن بأنها أغرته بمواقعتها فلم يستجب فقالت:
{ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَٱسَتَعْصَمَ.. } أى: والله لقد حاولت معه بشتى المغريات أن يطوع نفسه لى، فأبى وامتنع امتناع بليغا، وتحفظ تحفظا شديدا.
والتعبير بقوله "فاستعصم" للمبالغة فى عصمته لنفسه من الزلل، فالسين والتاء للمبالغة، وهو من العصمة بمعنى المنع. يقال: عصمه الطعام أى: منعه من الجوع، وعصم القربة أى: شدها بالعصام ليمنع نزول الماء منها.
وفى الآية - كما يقول الآلوسى - دليل على أنه - عليه السلام - لم يصدر منه ما سوَّد به القصَّاص وجوه الطروس - أى الأوراق.
ثم قالت أمامهن بعد ذلك فى تبجح واستهتار وتهديد: { وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَآ آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّن ٱلصَّاغِرِين }
أى: والله لقد راودته عن نفسه فاستعصم، والله لئن لم يفعل ما آمر به، - وأنا سيدته الآمرة الناهية لا غيرى - ليسجنن عقوبة له، وليكونا من الصاغرين، أى: من الأذلاء المهانين المقهورين، من الصغار. يقال: صغر فلان - كفرح - يصغر صغارا، إذا ذل وهان.
قالوا: وأكدت السجن بالنون الثقيلة وبالقسم لتحققه فى نظرها، وأكدت الصغار بالنون الخفيفة لأنه غير متحقق فيه، ولأنه من توابع السجن ولوازمه.
وفى هذا التهديد ما فيه من الدلالة على ثقتها من سلطانها على زوجها، وأنه لا يستطيع أن يعصى لها أمرا، مع أنه عزيز مصر..
ويترامى على مسامع يوسف - عليه السلام - هذا التهديد السافر.. فيلجأ إلى ربه مستجيرا به، ومحتميا بحماه ويقول: { قَالَ رَبِّ ٱلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ... }
أى: قال يوسف - عليه السلام - متضرعا إلى ربه - تعالى - يا رب السجن الذى هددتنى به تلك المرأة ومن معها، أحب إلى، وآثر عندى مما يدعوننى إليه من ارتكاب الفواحش.
وقال أحب إلى مما يدعوننى إليه، ولم يقل مما تدعونى إليه امرأة العزيز، لأنهن جميعا كن مشتركات فى دعوته إلى الفاحشة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، بعد أن شاهدن هيئته وحسنه، وبعد أن سمعن ما قالته فى شأنه ربة الدار..
قال الآلوسى: "وإسناد الدعوة إليهن، لأنهن خوفنه من مخالفتها، وزين له مطاوعتها.
فقد روى أنهن قلن له أطع مولاتك، واقض حاجتها، لتأمن عقوبتها.. وروى أن كل واحدة منهن طلبت الخلوة به لنصيحته، فلما خلت به دعته إلى نفسها..
وقوله: { وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلْجَاهِلِينَ } واعتراف منه - عليه السلام - بضعفه البشرى الذى لا قدرة له على الصمود أمام الإِغراء، إذا لم يكن معه عون الله - تعالى - وعنايته ورعايته.
و { أصب } من الصبوة وهى الميل إلى الهوى، يقال: صبا فلان يصبو صبوا وصبوة، إذا مال إلى شهوات نفسه واتبع طريق الشر، ومنه ريح الصبا، وهى التى تميل إليها النفوس لطيب نسيمها واعتدال هوائها.
والمعنى: وإلا تدفع عنى يا إلهى كيد هؤلاء النسوة، ومحاولاتهن إيقاعى فى حبائلهن، أمل إليهن. وأطاوعهن على ما يردنه منى، وأكن بذلك من الجاهلين السفهاء الذين يخضعون لأهوائهم وشهواتهم، فيقعون فى القبائح والمنكرات.
وقوله - سبحانه - { فَٱسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } بيان لتقبل الله - تعالى - لدعائه بفضله ورحمته.
أى: فاستجاب الله - تعالى - ليوسف دعاءه وضراعته، فدفع عنه بلطفه وقدرته كيد هؤلاء النسوة ومكرهن، بأن أدخل اليأس فى نفوسهن من الطمع فى استجابته لهن، وبأن زاده ثباتا على ثباته، وقوة على قوته، فلم ينخدع بمكرهن، ولم تلن له قناة أمام ترغيبهن أو ترهيبهن.
"إنه" سبحانه "هو السميع" لدعاء الداعين، والمجيب لضراعة المخلصين "العليم" بأحوال القلوب، وبما تنطوى عليه من خير أو شر.
وقال - سبحانه - { فاستجاب } بفاء التعقيب للإِشارة إلى أنه - سبحانه - بفضله وكرمه، قد أجاب دعاء عبده يوسف - عليه السلام - بدون تأخير أو إبطاء.
قال الإِمام ابن كثير: وقوله - سبحانه - { فَٱسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ... }. وذلك لأن يوسف - عليه السلام - عصمه الله عصمة عظيمة، وحماه فامتنع منها أشد الامتناع، واختار السجن على ذلك، وهذا فى غاية مقامات الكمال، أنه مع شبابه وجماله وكماله، تدعوه سيدته، وهى امرأة عزيز مصر، وهى مع هذا فى غاية الجمال والمال والرياسة، فيمتنع من ذلك ويختار السجن خوفا من الله، ورجاء فى ثوابه.
ولهذا ثبت فى الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
"سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ فى عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إنى أخاف الله" .
ثم ساقت لنا السورة الكريمة بعد ذلك قصة دخول يوسف - عليه السلام - السجن، مع ثبوت براءته، مما نسب إليه، وكيف أنه وهو فى السجن لم ينس الدعوة إلى عبادة الله - تعالى - وحده، وترك عبادة ما سواه، وكيف أنه أقام الأدلة على صحة ما يدعو إليه، وفسر لصاحبيه فى السجن رؤياهما تفسيرا صادقا صحيحا..
استمع إلى القرآن الكريم وهو يحكى كل ذلك بأسلوبه البليغ المؤثر فيقول:
{ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ... }.