التفاسير

< >
عرض

وَزَكَرِيَّآ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ
٨٩
فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ
٩٠
-الأنبياء

الوسيط في تفسير القرآن الكريم

وزكريا هو ابن آزن بن بركيا، ويتصل نسبه بسليمان - عليه السلام -، وكان عيسى قريب العهد به، حيث كفل زكريا مريم أم عيسى.
أى: واذكر - أيها المخاطب - حال زكريا - عليه السلام - وقت أن نادى ربه وتضرع إليه فقال: يا رب لا تتركنى فردا أى: وحيداً بدون ذرية { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ } أى: وأنت خير حى باق بعد كل الأموات.
فكانت نتيجة هذا الدعاء الخالص أن أجاب الله لزكريا دعاءه فقال: { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } أى دعاءه وتضرعه.
{ وَوَهَبْنَا لَهُ } بفضلنا وإحساننا ابنه { يَحْيَىٰ } - عليهما السلام -.
{ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ } بأن جعلناها تلد بعد أن كانت عقيما تكريما له ورحمة به.
وقوله: { إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } تعليل لهذا العطاء الذى منحه - سبحانه - لأنبيائه - عليهم الصلاة والسلام - والضمير فى "إنهم" يعود للأنبياء السابقين. وقيل: يعود إلى زكريا وزوجه ويحيى.
أى: لقد أعطيناهم من ألوان النعم، لأنهم كانوا يبادرون فى فعل الخيرات التى ترضينا، ويجتهدون فى أداء كل قول أو عمل أمرناهم به.
{ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً } أى: ويجأرون إلينا بالدعاء، راغبين فى آلائنا ونعمنا وراهبين خائفين من عذابنا ونقمنا.
فقوله { رَغَباً وَرَهَباً } مصدران بمعنى اسم الفاعل، منصوبان على الحال، وفعلهما من باب "طرب" { وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ } أى: مخبتين متضرعين لا متكبرين ولا متجبرين.
وبهذه الصفات الحميدة، استحق هؤلاء الأخيار أن ينالوا خيرنا وعطاءنا ورضانا.
ثم ختم - سبحانه - الحديث عن هؤلاء الأنبياء الكرام، بذكر جانب من قصة مريم وابنها عيسى فقال: { وَٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ... }.