التفاسير

< >
عرض

الۤـمۤ
١
تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٢
أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٣
ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ
٤
يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ
٥
ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ
٦
ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ
٧
ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ
٨
ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ
٩
-السجدة

الوسيط في تفسير القرآن الكريم

سورة السجدة من السور التى افتتحت ببعض حروف التهجى، وقد سبق أن ذكرنا آراء العلماء فى لك بشئ من التفصيل عند تفسيرنا لسورة: البقرة، وآل عمران، والأعراف...
وقلنا: ما ملخصه: إن أقرب الأقوال إلى الصواب، أن هذه الحروف المقطعة، قد وردت فى افتتاح بعض السور، على سبيل الإِيقاظ والتنبيه إلى إعجاز القرآن.
فكأن الله - تعالى - يقول لأولئك الكافرين المعارضين فى أن القرآن من عند الله: هاكم القرآن ترونه مؤلفاً من كلام هو من جنس ما تؤلفون منه كلامكم ومنظوماً من حروف، وهى من جنس الحروف الهجائية التى تنظمون منها حروفكم.
فإن كنتم فى شك من كونه منزلاً من عند الله فهاتوا مثله، وادعوا من شئتم من الخلق لكى يعاونكم فى ذلك، أو هاتوا عشر سور من مثله، أو سورة من مثله...
ومع كل هذا التساهل فى التحدى. فقد عجزوا وانقلبوا خاسرين، وثبت بذلك أن القرآن من عند الله - تعالى - وحده.
وقوله - تعالى -: { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } بيان لمصدر القرآن الكريم وأنه لا شك فى كونه من عند الله - عز وجل -.
وقوله: { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ } مبتدأ. وخبره { مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } وجملة { لاَ رَيْبَ فِيهِ } معترضة بينهما، أو حال من الكتاب...
أى: تنزيل هذا الكتاب عليك - أيها الرسول الكريم - كائن من رب العالمين، وهذا أمر لا شك فيه، ولا يخالطه ريب أو تردد عند كل عاقل.
وعجل - سبحانه - بنفى الريب، حيث جعله بين المبتدأ والخبر، لبيان أن هذه القضية ليست محلاً للشك أو الريب، وأن كل منصف يعلم أن هذا القرآن من رب العالمين.
و"أم" فى قوله - تعالى -: { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } هى المنقطعة التى بمعنى بل والهمزة. والاستفهام للتعجيب من قولهم وإنكاره.
والافتراء: الاختلاق. يقال: فلان افترى الكذب، أى: اختلقه. وأصله من الفرى بمعنى قطع الجلد. وأكثر ما يكون للإِفساد.
والمعنى: بل أيقول هؤلاء المشركون، إن محمدا صلى الله عليه وسلم، قد افترى هذا القرآن، واختلقه من عند نفسه...؟
وقوله - عز وجل -: { بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } رد على أقوالهم الباطلة.
أى: لا تستمع - أيها الرسول الكريم - إلى أقاويلهم الفاسدة، فإن هذا القرآن هو الحق الصادر إليك من ربك - عز وجل -.
ثم بين - سبحانه - الحكمة فى إرساله صلى الله عليه وسلم - وفى إنزال القرآن عليه فقال: { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ }.
والإِنذار: هو التخويف من ارتكاب شئ تسوء عاقبته. و "ما" نافية. و"نذير" فاعل "أتاهم" و "من" مزيدة للتأكيد.
أى: هذا القرآن - يا محمد - هو معجزتك الكبرى، وقد أنزلناه إليك لتنذر قوماً لم يأتهم نذير من قبلك بما جئتهم به من هدايات وإرشادات وآداب.
وقد فعلنا ذلك رجاء أن يهتدوا إلى الصراط المستقيم، ويستقبلوا دعوتك بالطاعة والاستجابة لما تدعوهم إليه.
ولا يقال: إن إسماعيل - عليه السلام - قد أرسل إلى آباء هؤلاء العرب الذين أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم، لأن رسالة إسماعيل قد اندرست بطول الزمن، ولم ينقلها الخلف عن السلف، فكانت رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قومه، جديدة فى منهجها وأحكامها وتشريعاتها.
ثم أثنى - سبحانه - على ذاته، بما يستحقه من إجلال وتعظيم وتقديس فقال: { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ... }.
والأيام جمع يوم، واليوم فى اللغة: مطلق الوقت، أى: فى ستة أوقات لا يعلم مقدارها إلا الله - تعالى -.
وهو - سبحانه - قادر على أن يخلق السماوات والأرض وما بينهما فى لمحة أو لحظة، ولكنه - عز وجل - خلقهن فى تلك الأوقات، لكى يعلم عباده التأنى والتثبت فى الأمور.
قال القرطبى: قوله - تعالى -: { سِتَّةِ أَيَّامٍ } قال الحسن: من أيام الدنيا. وقال ابن عباس: إن اليوم من الأيام الستة، التى خلق الله فيها السماوات والأرض، مقداره ألف سنة من سنى الدنيا...
وقال بعض العلماء ما ملخصه: وليست هذه الأيام من أيام هذه الأرض التى نعرفها، إذ أيام هذه الأرض، مقياس زمنى ناشئ من دورة هذه الأرض حول نفسها أمام الشمس مرة، تؤلف ليلاً ونهاراً على هذه الأرض.. وهو مقياس يصلح لنا نحن أبناء هذه الأرض الصغيرة الضئيلة. أما حقيقة هذه الأيام الستة المذكورة فى القرآن، فعلمها عند الله. ولا سبيل لنا إلى تحديدها وتعيين مقدارها، فهى من ايام الله التى يقول عنها:
{ { وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } }. وقوله - سبحانه -: { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } إشارة إلى استعلائه وهيمنته على شئون خلقه.
وقال بعض العلماء: وعرش الله - تعالى - مما لا يعلمه البشر إلا بالاسم.. وقد ذكر فى إحدى وعشرين آية. وذكر الاستواء على العرش فى سبع آيات.
أما الاستواء على العرش، فذهب سلف الأمة، إلى أنه صفة الله - تعالى - بلا كيف ولا انحصار ولا تشبيه ولا تمثيل، لاستحالة اتصافه - سبحانه - بصفات المحدثين، ولوجوب تنزيهه عما لا يليق به:
{ { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } }. وأنه يجب الإِيمان بها كما وردت، وتفويض العلم بحقيقتها إليه - تعالى -.
قال الإِمام مالك: الكيف غير مقعول، والاستهواء غير مجهول، والإِيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
وقال محمد بن الحسن: اتفق الفقهاء جميعاً على الإِيمان بالصفات، من غير تفسير ولا تشبيه.
وقال الإِمام الرازى: إن هذا المذهب هو الذى نقول به ونختاره ونعتمد عليه..".
وقوله - سبحانه -: { مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } أى: ليس لكم - أيها الناس - إذا تجاوزتم حدوده - عز وجل - { مِن وَلِيٍّ } أى: من ناصر ينصركم إذا أراد عقابكم، { وَلاَ شَفِيعٍ } يشفع لكم عنده لكى يعفو عنكم، أفلا تعقلون هذه المعانى الواضحة، وتسمعون هذه المواعظ البليغة، التى من شأنها أن تحملكم على التذكر والاعتبار والطاعة التامة لله رب العالمين.
فالآية الكريمة جمعت فى توجيهاتها الحكيمة، بين مظاهر قدرة الله - تعالى -، وبين الترهيب من معصية ومخالفة أمره، وبين الحض على التذكر والاعتبار.
ثم أضاف - سبحانه - إلى ما سبق أن وصف به ذاته، صفات أخرى تليق بجلاله، فقال: { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ }.
وقوله - تعالى -: { يُدَبِّرُ } من التدبير بمعنى الإِحكام والإِتقان، والمراد به هنا: إيجاد الأشياء على هذا النحو البديع الحكيم الذى نشاهده، وأصل التدبير: النظر فى أعقاب الأمور محمودة العاقبة.
وقوله: { يَعْرُجُ } من العروج بمعنى الصعود والارتفاع والصيرورة إليه - تعالى -.
والضمير فى "إليه" يعود إلى الأمر الذى دبره وأحكمه - سبحانه -.
أى: أن الله - تعالى - هو الذى يحكم شئون الدنيا السماوية والأرضية إلا أن تقوم الساعة، وهو الذى يجعلها على تلك الصورة البديعة المتقنة، ثم تصعد إليه - تعالى - تلك الأمور والشئون المدبرة، فى يوم، عظيم هو يوم القيامة { كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } من أيام الدنيا.
قال الآلوسى ما ملخصه: وقوله: { مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ } متعلقان بقوله: { يُدَبِّرُ } ومن ابتدائية، وإلى انتهائية. أى: يريده - تعالى - على وجه الإِتقان ومراعاة الحكمة، منزلاً له من السماء إلى الأرض. وإنزاله من السماء باعتبار أسبابه، فإن أسبابه سماوية من الملائكة وغيرهم.
وقوله { ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ } أى: ذلك الأمر بعد تدبيره. وهذا العروج مجاز عن ثوبته فى علمه.. أو عن كتابته فى صحف الملائكة بأمره - تعالى -.
وقال بعض العلماء: وقد ذكر - سبحانه - هنا أنه { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ }. وذكر فى سورة الحج
{ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } }. وذكر فى سورة المعارج { { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } والجمع بين هذه الآيات من وجهين:
الأول: ما جاء عن ابن عباس من أن يوم الألف فى سورة الحج، هو أحد الأيام الستة التى خلق الله فيها السماوات والأرض. ويوم الألف فى سورة السجدة، هو مقدار سير الأمر وعروجه إليه - تعالى -، ويوم الخمسين ألفا - فى سورة المعارج - هو يوم القيامة.
الثانى: أن المراد بجميعها يوم القيامة، وأن الاختلاف باعتبار حال المؤمن والكافر ويدل لهذا الوجه قوله - تعالى -:
{ { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } }. أى: أن يوم القيامة يتفاوت طوله بحسب اختلاف الشدة، فهو يعادل فى حالة ألف سنة من سنى الدنيا، ويعادل فى حالة أخرى خمسين ألف سنة.
واسم الإِشارة فى قوله { ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } يعود إلى الله - تعالى -، وهو مبتدأ، وما بعده أخبار له - عز وجل -.
أى: ذلك الذى اتصف بتلك الصفات الجليلة، وفعل تلك الأفعال المتقنة الحكيمة، هو الله - تعالى -، { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } أى: عالم كل ما غاب عن الحسن، وكل ما هو مشاهد له، لا يخفى عليه شئ مما ظهر أو بطن { ٱلْعَزِيزُ } الذى لا يغلبه غالب { ٱلرَّحِيمُ } بعباده.
{ ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } أى: الذى أحكم وأتقن كل شئ خلقه وأوجده فى هذا الكون، لأنه - سبحانه - أوجده على النحو الذى تقتضيه حكمته، وتستدعيه مصلحة عباده.
قال الشوكانى: وقرأ الجمهور { خلَقه } - بفتح اللام - على أنه فعل ماض صفة لشئ، فهو فى محل جر. أو صفة للمضاف فيكون فى محل نصب.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ابن عامر: "خلْقه" - بسكون اللام - وفى نصبه أوجه: الأول: أن يكون بدلاً من { كُلَّ شَيْءٍ } بدل اشتمال، والضمير عائد على كل شئ، وهذا هو المشهور...".
والمراد بالإِنسان فى قوله - تعالى -: { وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } آدم - عليه السلام -، أى وبدأ خلق أبيكم آدم من طين، فصار على أحسن صورة، وأبدع شكل { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ } أى: ذريته، وسميت بذلك لأنها تنسل وتنفصل منه.
{ مِن سُلاَلَةٍ } أى: من خلاصة، وأصلها ما يسل ويخلص بالتصفية.
{ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } أى: ممتهن لا يهتم بشأنه، ولا يعتنى به، والمقصود به: المنى الذى يخرج من الرجل.
{ ثُمَّ سَوَّاهُ } أى: هذا المخلوق الذى أوجده من طين، أو من ماء مهين. والمراد: ثم عدل خلقه، وسوى شكله، وتناسب بين أعضائه، وأتمه فى أحسن صورة...
{ وَنَفَخَ فِيهِ } - سبحانه - { مِن رُّوحِهِ } أى: من قدرته ورحمته، التى صار بها هذا الإِنسان إنساناً كاملاً فى أحسن تقويم.
وإضافة الروح إليه - تعالى - للتشريف والتكريم لهذا المخلوق، كما فى قولهم بيت الله.
{ وَجَعَلَ لَكُمُ } بعد ذلك { ٱلسَّمْعَ } الذى تسمعون به { وَٱلأَبْصَارَ } التى تبصرون بها، { وَٱلأَفْئِدَةَ } التى تعقلون بها، وتحسون الأشياء بواسطتها.
وقوله: { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } بيان لموقف بنى آدم من هذه النعم المتكاثرة والمتنوعة. ولفظ "قليلاً" منصوب على أنه صفة لمحذوف وقع معمولاً لتشكرون.
أى: شكراً قليلاً تشكرون، أو زماناً قليلاً تشكرون.
وهكذا بنو آدم - إلا من عصم الله -، أوجدهم الله - تعالى - بقدرته، وسخر لمنفعتهم ومصلحتهم ما سخر من مخلوقات، وصانهم فى كل مراحل خلقهم بأنواع من الصيانة والحفظ... ومع ذلك فقليل منهم هم الذين يشكرونه - عز وجل - على نعمه. وصدق - سبحانه - حيث يقول:
{ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ } }. ثم حكى - سبحانه - شبهات المشركين ورد عليها، وصور أحوالهم الأليمة عندما تقبض الملائكة أرواحهم، فقال - تعالى -: { وَقَالُوۤاْ أَإِذَا ضَلَلْنَا...بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }.