التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٢٨
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٢٩
قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لاَّ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ
٣٠
-سبأ

الوسيط في تفسير القرآن الكريم

قال الآلوسى: المتبادر أن { كَآفَّةً } حال من الناس، قدم "إلا" عليه للاهتمام؛ وأصله من الكف بمعنى المنع، وأريد به العموم لما فيه من المنع من الخروج، واشتهر فى ذلك حتى قطع فيه النظر عن معنى المنع بالكلية. فمعنى جاء الناس كافة: جاءوا جميعا..
قال ابن عباس: أرسل الله - تعالى - محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم، فأكرمهم على الله - تعالى - أطوعهم له...
أى: وما أرسلناك - أيها الرسول الكريم - إلا إلى الناس جميعا، لتبشر المؤمن منهم بحسن الثواب، وتنذر من أعرض عن الحق الذى جئت به بسوء العقاب. { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } هذه الحقيقة، وهى عموم رسالتك وكونك بشيرا ونذيرا.
{ وَيَقُولُونَ } أى: المشركون على سبيل الاستهزاء بما جئتهم به { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } الذى تعدنا به وهو قيام الساعة، وما فيها من حساب وثواب وعقاب.
أخبرونا عنه - أيها المؤمنون - { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } فيما تحدثوننا عنه، وفيما تدعوننا إليه من إيمان.
وهنا أمر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم - أن يرد عليهم ردا فيه كل معانى التهديد والوعيد فقال: { قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لاَّ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ } و { مِّيعَادُ } يجوز أن يكون مصدرا مرادا به الوعد، وأن يكون اسم زمان، والإِضافة للبيان.
والمراد بالساعة الوقت الذى هو فى غاية القلة. وليس ما اصطلح عليه الناس من كونها ستين دقيقة.
اى: قل لهم - ايها الرسول الكريم - لا تتعجلوا - ايها الكافرون - ما أخبرتكم عنه من أن يوم القيامة آت لا ريب فيه، ومن أن العاقبة الطيبة ستكون لنا لا لكم؛ فإن لكم ميقاتا محددا، وموعدا معلوما، عندما يأذن الله - تعالى - بحلوله وبانتهاء حياتكم وببعثكم... { لاَّ تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً } من الزمان { وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ } عنه ساعة كما قال - تعالى -:
{ { إِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } }. وكما قال - سبحانه -: { { وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ } }. ثم حكى - سبحانه - بعض الأقوال الباطلة التى قالها المشركون فى شأن القرآن الكريم، وصور أحوالهم السيئة يوم العرض والحساب، وكيف أن كل فريق منهم صار يلقى التبعة على غيره، قال - تعالى -: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ...هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.