الوسيط في تفسير القرآن الكريم
والضمير فى قوله: { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } يعود على نوح - عليه السلام - وشيعة الرجل: أعوانه وأنصاره وأتباعه، وكل جماعة اجتمعوا على أمر واحد أو رأى واحد فهم شيعة، والجمع شِيعَ مثل سِدرة وسِدَر.
قال القرطبى: الشيعة: الأعوان، وهو مأخوذ من الشياع، وهو الحطب الصغار الذى يوقد مع الكبار حتى يستوقد.
والمعنى: وإن من شيعة نوح لإبراهيم - عليهما السلام - لأنه تابعه فى الدعوة إلى الدين الحق، وفى الصبر على الأذى من أجل إعلاء كلمة الله تعالى ونصرة شريعته.. وهكذا جميع الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -اللاحق منهم يؤيد السابق، ويناصره فى دعوته التى جاء بها من عند ربه، وإن اختلفت شرائعهم فى التفاصيل والجزئيات، فهى متحدة فى الأصول والأركان.
وكان بين نوح وإبراهيم، نبيان كريمان هما: هود، وصالح - عليهما السلام - والظرف فى قوله - تعالى -: { إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } متعلق بمحذوف تقديره: اذكر أى: اذكر - أيها العاقل لتعتبر وتتعظ - وقت أن جاء إبراهيم إلى ربه بقلب سليم من الشرك ومن غيره من الآفات كالحسد والغل والخديعة والرياء.
والمراد بمجيئه ربه بقلبه: إخلاص قلبه لدعوة الحق، واستعداده لبذل نفسه وكل شئ يملكه فى سبيل رضا ربه - عز وجل -.
فهذا التعبير يفيد الاستسلام المطلق لربه والسعى الحثيث فى كل ما يرضيه.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: ما معنى المجئ بقلبه ربه؟ قلت: معناه أنه أخلص لله قلبه، وعرف ذلك منه فضرب المجئ مثلا لذلك.
وقوله: { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ } شروع فى حكاية ما دار بينه وبين أبيه وقومه. والجملة بدل من الجملة السابقة عليها، أو هى ظرف لقوله { سليم } أى:لقد كان إبراهيم - عليه السلام - سليم القلب، نقى السريرة، صادق الإيمان، وقت أن جادل أباه وقومه قائلا لهم: أى شئ هذا الذى تعبدونه من دون الله - تعالى - ثم أضاف إلى هذا التوبيخ لهم توبيخا آخر فقال لهم: { أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ ٱللَّهِ تُرِيدُونَ }؟ والإِفك أسوأ الكذب. يقال أفِكَ فلان يأْفِكُ إفكا فهو أفوك.. إذا اشتد كذبه. وهو مفعول به لقوله { تريدون } وقوله { آلهة } بدل منه. وجعلت الآلهة نفس الإِفك على سبيل المبالغة.
أى: أتريدون إفكا آلهة دون الله؟ إن أرادتكم هذه يمجها ويحتقرها كل عقل سليم.
ثم حذرهم من السير فى طريق الشرك فقال: { فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }.
والاستفهام للإِنكار والتحذير من سوء عاقبتهم إذا ما استمروا فى عبادتهم لغيره - تعالى - أى: فما الذى تظنون أن يفعله بكم خالقكم ورازقكم إذا ما عبدتم غيره؟ إنه لاشك سيحاسبكم على ذلك حسابا عسيرا، ويعذبكم عذابا أليما، وما دام الأمر كذلك فاتركوا عبادة هذه الآلهة الزائفة. وأخلصوا عبادتكم لخالقكم ورازقكم.
قال الآلوسى: قوله: { فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أى: أى شئ ظنكم بمن هو حقيق بالعبادة، لكونه ربا للعالمين؟ أشككتم فيه حتى تركتم عبادته - سبحانه - بالكلية، أو أعلمتم أى شئ هو حتى جعلتم الأصنام شركاءه أو أى شئ ظنكم بعقابه - عز وجل - حتى اجترأتم على الإِفك عليه، ولم تخافوا عذابه.
وعلى أية حال فالآية تدل دلالة على واضحة على استنكاره لما كان عليه أبوه وقومه من عبادة لغير الله - تعالى - وعلى نفور فطرته لما هم عليه من باطل.
ويهمل القرآن الكريم هنا ردهم عليه لتفاهته. وتنتقل السورة للإِشارة إلى ما أضمره إبراهيم - عليه السلام - لتلك الآلهة الباطلة فتقول: { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي ٱلنُّجُومِ. فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ. فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ }.
قالوا: كان قوم إبراهيم يعظمون الكواكب، ويعتقدون تأثيرها فى العالم.. وتصادف أن حل أوان عيد لهم. فدعوه إلى الخروج معهم كما هى عادتهم فى ذلك العيد.
فتطلع إلى السماء، وقلب نظره فى نجومها، ثم قال لهم معتذرا عن الخروج معهم - ليخلوا بالأصنام فيحطمها - :{ إِنِّي سَقِيمٌ } أى مريض مرضا يمنعنى من مصاحبتكم. { فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ } أى: فتركوه وحده وانصرفوا إلى خارج بلدتهم.
قال الإِمام ابن كثير ما ملخصه: وإنما قال إبراهيم لقومه ذلك ليقيم فى البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم، فإنه كان قد أزف خروجهم إلى عيد لهم، فأحب أن يختلى بآلهتهم ليكسرها، فقال لهم كلاما هو حق فى نفس الأمر فهموا منه أنه سقيم على ما يعتقدونه، فتولوا عنه مدبرين.
قال قتادة: والعرب تقول لمن تفكر فى أمر: نظر فى النجوم، يعنى قيادة: أنه نظر فى السماء متفكرا فيما يلهيهم به فقال: { إِنِّي سَقِيمٌ } أى: ضعيف.
وقول النبى صلى الله عليه وسلم "لم يكذب إبراهيم غير ثلاث كذبات: اثنتين في ذات الله، قوله { إِنِّي سَقِيمٌ } وقوله: { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا } وقوله في سارة هي أختي" .
ليس المراد بالكذب هنا الكذب الحقيقى الذى يذم فاعله، حاشا وكلا، وِإنما أطلق الكذب على هذا تجوزاً، وإنما هو من المعارض فى الكلام لمقصد شرعى دينى، كما جاء فى الحديث: "إنَّ من المعاريض لمندوحة عن الكذب" .
وقيل قوله: { إِنِّي سَقِيمٌ } أى: بالنسبة لما يستقبل، يعنى مرض الموت.
وقيل: أراد بقوله: { إِنِّي سَقِيمٌ } أى، مريض القلب من عبادتكم للأوثان من دون الله - تعالى - ..
ويبدو لنا أى نظر إبراهيم - عليه السلام - فى النجوم، إنما هو نظر المؤمن المتأمل فى ملكوت الله - تعالى - المستدل بذلك على وحدانية الله وقدرته، وأنه إنما فعل ذلك أمامهم - وهم قوم يعظمون النجوم - ليقنعهم بصدق اعتذاره عن الخروج معهم، ويتم له ما يريده من تحطيم الأصنام.
كما يبدو لنا أن قوله: { إِنِّي سَقِيمٌ } المقصود منه: إنى سقيم القلب بسبب ما أنتم فيه من كفر وضلال، فإن العاقل يقلقه ويزعجه ويسقمه ما أنتم فيه من عكوف على عبادة الأصنام.
وقال لهم ذلك ليتركوه وشأنه، حتى ينفذ ما أقسم عليه بالنسبة لتلك الأصنام.
فكلام إبراهيم حق فى نفس الأمر - كما قال الإِمام ابن كثير - وقد ترك لقومه أن يفهموه على حسب ما يعتقدون.
ثم حكى - سبحانه - ما فعله إبراهيم بالأصنام بعد أن انفرد بها فقال: { فَرَاغَ إِلَىٰ آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ }.
وأصل الروغ: الميل إلى الشئ بسرعة على سبيل الاحتيال. يقال: راغ فلان نحو فلان. إذا مال إليه لأمر يريده منه على سبيل الاحتيال.
أى: فذهب إبراهيم مسرعاً إلى الأصنام بعد أن تركها القوم وانصرفوا إلى عيدهم، فقال لها على سبيل التهكم والاستهزاء: أيتها الأصنام ألا تأكلين تلك الأطعمة التى قدمها لك الجاهلون على سبيل التبرك؟
وخاطبها كما يخاطب من يعقل فقال: { أَلا تَأْكُلُونَ } لأن قومه أنزلوها تلك المنزلة.
وقوله: { مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ } زيادة فى السخرية بتلك الأصنام، وفى إظهار الغيظ منها، والضيق بها، والغضب عليها.
هذا الغضب الذى كان من آثاره ما بينه القرآن فى قوله: { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } أى: فمال عليهم ضاربا إياهم بيده اليمنى، حتى حطمهم كما قال - تعالى - فى آية أخرى: { فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ } وقال - سبحانه -: { ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } للدلالة على أن إبراهيم - عليه السلام - لشدة حنقه وغضبه على الأصنام - قد استعمل فى تحطيمها أقوى جارحة يملكها وهى يده اليمنى. وقيل: يجوز أن يراد باليمين: اليمين التى حلفها حين قال: { وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ } وانتهى إبراهيم من تحطيم الأصنام، وارتاحت نفسه لما فعله بها، وشفى قلبه من الهم والضيق الذى كان يجده حين رؤيتها..
وجاء قومه من رحلتهم، ووجدوا أصنامهم قد تحطمت، ويترك القرآن هنا ما قالوه لإبراهيم عندما رأوا منظر آلهتهم بهذه الصورة المفزعة لهم، مكتفياً بإبراز حالهم فيقول: { فَأَقْبَلُوۤاْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ }.
أى: فحين رأوا آلهتهم بهذه الصورة. أقبلوا نحو إبراهيم يسرعون الخطا ولهم جلية وضوضاء تدل على شدة غضبهم لما أصاب آلهتهم.
يقال: زَفَّ النعام يَزِفُّ زََفَّا وزفيفا، إذا جرى بسرعة حتى لكأنه يطير.
ولم يأبه إبراهيم - عليه السلام - لهياج قومه، وإقبالهم نحوه بسرعة وغضب، بل رد عليهم رداً منطقياً سليما، فقال لهم: { أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ. وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }
أى: قال لهم موبخا ومؤنبا: أتعبدون أصناما أنتم تنحتونها وتقطعونها من الحجارة أو من الخشب بأيديكم، وتتركون عبادة الله - تعالى - الذى خلقكم وخلق الذى تعملونه من الأصنام وغيرها.
قال القرطبى ما ملخصه: قوله - تعالى -: { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } "ما" فى موضع نصب، أى: خلقكم وخلق ما تعملونه من الأصنام، يعنى الخشب والحجارة وغيرها.
وقيل إن "ما" استفهام، ومعناه: التحقير لعملهم. وقيل: هى نفى أى: أنتم لا تعملون ذلك لكن الله خالقه والأحسن أن تكون "ما" مع الفعل مصدرا. والتقدير: والله خلقكم وعملكم، وهذا مذهب أهل السنة، أن الأفعال خلق الله - عز وجل - واكتساب للعباد.
وروى أبو هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله خالق كل صانع وصنعته" .
ولكن هذا المنطق الرصين من إبراهيم، لم يجد أذنا واعية من قومه، بل قابلوا قوله هذا بالتهديد والوعيد الذى حكاه - سبحانه - فى قوله: { قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ } أى قالوا فيما بينهم: ابنوا لإِبراهيم بنيانا، ثم املأوه بالنار المشتعلة، ثم ألقوا به فيها فتحرقه وتهلكه.
فالمراد بالجحيم: النار الشديدة التأجج. وكل نار بعضها فوق بعض فهى جحيم، وهذا اللفظ مأخوذ من الجَحْمة وهى شدة التأجج والاتقاد - يقال: جحم فلان النار - كمنع - إذا أوقدها وأشعلها، واللام فيه عوض عن المضاف إليه - أى - ألقوه فى جحيم ذلك البنيان الملئ بالنار.
وبنوا البنيان، وأضرموه بالنار، وألقوا بإبراهيم فيها، فماذا كانت النتيجة؟
كانت كما قال - سبحانه - بعد ذلك: { فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً } أى: شرا وهلاكا عن طريق إحراقه بالنار { فَجَعَلْنَاهُمُ } - بقدرتنا التى لا يعجزها شئ - الأسفلين أى: الأذلين المقهورين، حيث أبطلنا كيدهم، وحولنا النار إلى برد وسلام على عبدنا إبراهيم - عليه السلام -.
وهكذا رعاية الله - تعالى - تحرس عباده المخلصين، وتجعل العاقبة لهم على القوم الكافرين.
ثم تسوق لنا السورة الكريمة بعد ذلك جانبا آخر من قصة إبراهيم - عليه السلام - هذا الجانب يتمثل فى هجرته من أجل نشر دعوة الحق وفى تضرعه إلى ربه أن يرزقه الذرية الصالحة، فتقول: { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ. رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ.. }
أى: قال إبراهيم بعد أن نجاه الله - تعالى - من كيد أعدائه { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي } أى: إلى المكان الذى أمرنى ربى بالسير إليه، وهو بلاد الشام، وقد تكفل - سبحانه - بهدايتى إلى ما فيه صلاح دينى ودنياى.
قال القرطبى: "هذه الآية أصل فى الهجرة والعزلة. وأول من فعل ذلك إبراهيم - عليه السلام - وذلك حين خلصه الله من النار { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي } أى: مهاجر من بلد قومى ومولدى، إلى حيث أتمكن من عبادة ربى، فإنه { سَيَهْدِينِ } فيما نويت إلى الصواب.
قال مقاتل: هو أول من هاجر من الخلق مع لوط وسارة. إلى الأرض المقدسة وهى أرض الشام..
والسين فى قوله: { سَيَهْدِينِ } لتأكيد وقوع الهداية فى المستقبل، بناء على شدة توكله، وعظيم أمله فى تحقيق ما يرجوه من ربه، لأنه ما هاجر من موطنه إلا من أجل نشر دينه وشريعته - سبحانه -.
ثم أضاف إلى هذا الأمل الكبير فى هداية الله - تعالى - له، أملا آخر وهو منحه الذرية الصالحة فقال: { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ }.
أى: وأسألك يا ربى بجانب هذه الهداية إلى الخير والحق، أن تهب لى ولدا هو من عبادك الصالحين، الذين أستعين بهم على نشر دعوتك، وعلى إعلاء كلمتك.
وأجاب الله - تعالى - دعاء عبده إبراهيم، كما حكى ذلك فى قوله: { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ }.
أى: فاستجبنا لإِبراهيم دعاءه فبشرناه على لسان ملائكتنا بغلام موصوف بالحلم وبمكارم الأخلاق.
قال صاحب الكشاف: - وقد انطوت البشارة على ثلاثة: على أن الولد غلام ذكر، وأنه يبلغ أوان الحلم، وأنه يكون حليما.
وهذا الغلام الذى بشره الله - تعالى - به. المقصود به هنا إسماعيل - عليه السلام -.
والفاء فى قوله - تعالى -: { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ } فصيحة، أى: بشرناه بهذا الغلام الحليم، ثم عاش هذا الغلام حتى بلغ السن التى فى إمكانه أن يسعى معه فيها، ليساعده فى قضاء مصالحه.
قيل: كانت سن إسماعيل فى ذلك الوقت ثلاث عشرة سنة.
{ قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ }.
أى: فلما بلغ الغلام مع أبيه هذه السن، قال الأب لابنه: يا بنى إنى رأيت فى منامى أنى أذبحك، فانظر ماذا ترى فى شأن نفسك.
قال الآلوسى ما ملخصه: يحتمل أنه - عليه السلام - رأى فى منامه أنه فعل ذلك.. ويحتمل أنه رأى ما تأويله ذلك، ولكنه لم يذكره وذكر التأويل، كما يقول الممتحن وقد رأى أنه راكب سفينة: رأيت فى المنام أنى ناج من هذه المحنة.
ورؤيا الأنبياء وحى كالوحى فى اليقظة، وفى رواية أنه رأى ذلك فى ليلة التروية فأخذ يفكر فى أمره، فسميت بذلك، فلما رأى ما رآه سابقا عرف أن هذه الرؤيا من الله، فسمى بيوم عرفة، ثم رأى مثل ذلك فى الليلة الثالثة فهمَّ بنحره فسمى بيوم النحر.
ولعل السر فى كونه مناما لا يقظة، أن تكون المبادرة إلى الامتثال، أدل على كمال الانقياد والإِخلاص.
وإنما شاوره بقوله: { فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ } مع أنه سينفذ ما أمره الله - تعالى - به فى منامه سواء رضى إسماعيل أم لم يرض، لأن فى هذه المشاورة إعلاما له بما رآه، لكى يتقبله بثبات وصبر، وليكون نزول هذا الأمر عليه أهون، وليختبر عزمه وجلده.
وقوله: { قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ } حكاية لما رد به إسماعيل على أبيه إبراهيم - عليهما السلام - وهو رد يدل على علو كعبه فى الثبات، وفى احتمال البلاء، وفى الاستسلام لقضاء الله وقدره.
أى: قال الابن لأبيه: يا أبت افعل ما تؤمر به من قبل الله - تعالى - ولا تتردد فى ذلك وستجدنى إن شاء الله من الصابرين على قضائه.
وفى هذا الرد ما فيه من سمو الأدب، حيث قدم مشيئة الله - تعالى -، ونسب الفضل إليه، واستعان به - سبحانه - فى أن يجعله من الصابرين على البلاء.
وهكذا الأنبياء - عليهم السلام - يلهمهم الله - تعالى - فى جميع مراحل حياتهم ما يجعلهم فى أعلى درجات السمو النفسى، واليقين القلبى. والكمال الخلقى.
ثم بين - سبحانه - بعد ذلك ما كان من الابن وأبيه فقال: { فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ } وأسلما: بمعنى استلسلما وانقادا لأمر الله، فالفعل لازم، أو بمعنى: سلَّم الذبيح نفسه وسلم الأب ابنه، فيكون متعديا والمفعول محذوف.
وقوله { وَتَلَّهُ } أى: صرعه وأسقطه، وأصل التل: الرمى على التَّل وهو الرمل الكثيف المرتفع، ثم عمم فى كل رمى ودفع، يقال: تل فلان فلانا إذا صرعه وألقاه على الأرض.
والجبين: أحد جانبى الجبهة، وللوجه جبينان، والجبهة بينهما.
أى: فلما استسلم الأب والابن لأمر الله - تعالى - وصرع الأب ابنه على شقه، وجعل جبينه على الأرض، واستعد الأب لذبح ابنه.. كان ما كان منا من رحمة بهما. ومن إكرام لهما، ومن إعلاء لقدرهما.
قال صاحب الكشاف: فإن قلت: أين جواب لما؟ قلت: هو محذوف تقديره: فلما أسلما وتله للجبين { وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يٰإِبْرَاهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ } كان ما كان مما تنطق به الحال، ولا يحيط به الوصف من استبشارها واغتباطهما، وحمدهما لله، وشكرهما على ما أنعم به عليهما من دفع البلاء العظيم بعد حلوله، وما اكتسبا فى تضاعيفه من الثواب، ورضوان الله الذى ليس وراءه مطلوب..
وقد ذكروا هنا آثار منها أن إسماعيل - عليه السلام - لما هم أبوه بذبحه قال له: يا أبت اشدد رباطى حتى لا أضطرب، واكفف عنى ثيابك حتى لا يتناثر عليها شئ من دمى فتراه أمى فتحزن، وأسرع مرّ السكين على حلقى ليكون أهون للموت على، فإذا أتيت أمى فاقرأ عليها السلام منى.. وكان ذلك عند الصخرة التى بمنى..
وقوله - سبحانه -: { وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يٰإِبْرَاهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ } أى: وعندما صرع إبراهيم ابنه ليذبحه، واستسلما لأمرنا.. نادينا إبراهيم بقولنا { يٰإِبْرَاهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ } أى: قد فعلت ما أمرناك به، ونفذت ما رأيته فى رؤياك تنفيذا كاملا، يدل على صدقك فى إيمانك، وعلى قوة إخلاصك.
قال الجمل: فإن قلت: كيف قال الله - تعالى - لإبراهيم: قد صدقت الرؤيا وهو إنما رأى أن يذبح ابنه، وما كان تصديقها إلا لو حصل منه الذبح.
قلت: جعله الله مصدقا لأنه بذل جهده ووسعه، وأتى بما أمكنه، وفعل ما يفعله الذابح، فأتى بالمطلوب، وهو انقيادهما لأمر الله.
وجملة { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } تعليل لما قبلها. أى: فعلنا ما فعلنا من تفريج الكرب عن إبراهيم وإسماعيل، لأن سنتنا قد اقتضت أن نجازى المحسنين الجزاء الذى يرفع درجاتهم، ويفرج كرباتهم، ويكشف الهم والغم عنهم.
واسم الإِشارة فى قوله: { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ } يعود إلى ما ابتلى الله - تعالى - نبيه إبراهيم وإسماعيل.
أى: إن هذا الذى ابتلينا به هذين النبيين الكريمين، لهو البلاء الواضح، والاختبار الظاهر، الذى به يتميز قوى الإِيمان من ضعيفه، والذى لا يحتمله إلا أصحاب العزائم العالية، والقلوب السليمة، والنفوس المخلصة لله رب العالمين.
ثم بين - سبحانه - مظاهر فضله على هذين النبيين الكريمين فقال: { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } والذبح بمعنى المذبوح فهو مصدر بمعنى اسم المفعول كالطحن بمعنى المطحون.
أى: وفدينا إسماعيل - عليه السلام - بمذبوح عظيم فى هيئته، وفى قدره، لأنه من عندنا، وليس من عند غيرنا.
قيل: افتداه الله - تعالى - بكبش أبيض، أقرن، عظيم القدر.
{ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ. سَلاَمٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ. كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ }
أى: ومن مظاهر فضلنا وإحساننا وتكريمنا لنبينا إبراهيم - أننا أبقينا ذكره الحسن فى الأمم التى ستأتى من بعده، وجعلنا التحية والسلام منا ومن المؤمنين عليه إلى يوم الدين، ومثل هذا الجزاء نجزى المحسنين - أنه - عليه السلام - من عبادنا الصادقين فى إيمانهم.
ثم بين - سبحانه - مظهرا آخر من مظاهر فضله على نبيه إبراهيم فقال: { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ. وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ }
أى: ومن مظاهر تكريمنا لإبراهيم، أننا بشرناه بولد آخر هو إسحاق، الذى جعلناه نبيا من أنبيائنا الصالحين لحمل رسالتنا، وأفضنا على إبراهيم وعلى إسحاق الكثير من بركاتنا الدينية والدنيوية، بأن جعلنا عدداً كبيراً من الأنبياء من نسلهما.
ومع ذلك فقد اقتضت حكمتنا أن نجعل من ذريتهما من هو محسن فى قوله وعمله، ومن هو ظالم لنفسه بالكفر والمعاصى ظلما واضحا بينا، وسنجازى كل فريق بما يستحقه من ثواب أو عقاب.
هذا ومن الأحكام والآداب التى أخذها العلماء من هذه الآيات ما يأتى:
1 - أن الرسل جميعا قد جاءوا من عند الله - تعالى - بدين واحد فى أصوله، وأن كل واحد منهم قد سار على نهج سابقه فى الدعوة إلى وحدانية الله، وإلى مكارم الأخلاق، وقد بين - سبحانه - فى مطلق هذه القصة، أن إبراهيم كان من شيعة نوح - عليه السلام - أى: من أتباعه الذين ساروا على سنته فى دعوة الناس إلى عبادة الله وحده.
وقد أمر - عز وجل - نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقتدى بإخوانه السابقين من الأنبياء، فقال: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ } 2 - أن تعاطى الحيل الشرعية من أجل إزالة المنكر، أمر مشروع، فإن إبراهيم - عليه السلام - لكى يقضى على الأصنام، اعتذر لقومه عن الخروج معهم فى يوم عيدهم، وقال لهم: إنى سقيم - بعد أن نظر فى النجوم.
وكان مقصده من وراء ذلك، أن يختلى بالأصنام ليحطمها، ويثبت لقومه أنها لا تصلح للألوهية.
3 - أن سنة الله - تعالى - قد اقتضت أن يراعى - بفضله وكرمه - عباده المخلصين، وأن ينصرهم على أعدائهم، الذين يبيتون لهم الشرور والسوء.
ونرى ذلك جليا فى هذه القصة، فقد أضمر الكافرون لإِبراهيم الكيد والإِهلاك. فأنجاه الله - تعالى - من مكرهم، كما قال - تعالى -: { فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَسْفَلِينَ }.
4 - أن على المؤمن إذا لم يتمكن من نشر دعوة الحق فى مكان معين أن ينتقل منه إلى مكان آخر متى كان قادرا على ذلك.
وهذا ما فعله إبراهيم - عليه السلام - فقد قال لقومه بعد أن يئس من صلاحهم، وبعد أن نجاه الله من كيدهم: { إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ }.
5 - أن الدعاء متى صدر من نفس عامرة بالإِيمان والتقوى، ومن قلب سليم من الهوى.. كان جديراً بالإِجابة.
فلقد تضرع إبراهيم إلى ربه أن يرزقه الذرية الصالحة، فأجاب الله دعاءه.
كما حكى - سبحانه - ذلك فى قوله: { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ. فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ }
ثم قال - سبحانه - بعد ذلك: { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ }.
6 - أن إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - قد ضربا أروع الأمثال فى صدق الإِيمان، وفى الاستسلام لأمر الله - تعالى - وفى الرضاء بقضائه.
فكافأهما - عز وجل - على ذلك مكافأة جزيلة، بأن جعل الذكر الحسن باقيا لإِبراهيم إلى يوم القيامة، وبأن افتدى الذبيح بذبح عظيم.
قال - تعالى -: { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ. وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ. سَلاَمٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ. كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ }.
7 - أن الذبيح الذى ورد ذكره فى هذه القصة، والذى افتداه الله - تعالى - بذبح عظيم، هو إسماعيل - عليه السلام - وعلى ذلك سار جمهورالعلماء، ومن أدلتهم على ما ذهبوا إليه ما يأتى:
(أ) أن سياق القصة يدل دلالة واضحة على أن الذبيح إسماعيل، لأن الله - تعالى - حكى عن إبراهيم أنه تضرع إليه - تعالى -بقوله: { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } فبشره - سبحانه - { بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ }، وهذا الغلام عندما بلغ السن التى يمكنه معها مساعدة أبيه فى أعماله. قال له أبوه: { يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ } ثم افتدى الله - تعالى - هذا الغلام بذبح عظيم.
ثم قال - تعالى - بعد كل ذلك: { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } .
وهذا يدل على أن المبشر به الأول وهو إسماعيل، غير المبشر به الثانى وهو إسحاق.
(ب) أن البشارة بمولد إسحاق - عليه السلام - قد جاء الحديث عنها مفصلا فى سورة هود. وظروف هذه البشارة وملابساتها، تختلف عن الظروف والملابسات التى وردت هنا فى سورة الصافات، وقد أشار إلى ذلك الإِمام السيوطى فقال:
وتأملت القرآن فوجدت فيه ما يقتضى القطع - أو ما يقرب منه - على أن الذبيح إسماعيل، وذلك لأن البشارة وقعت مرتين:
مرة فى قوله - تعالى - { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينَ. فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ. فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ.. }.
فهذه الآية قاطعة فى أن المبشر به هو الذبيح.
ومرة فى قوله - فى سورة هود - { وَٱمْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ } فقد صرح فيها بأن المبشر به إٍسحاق، ولم يكن بسؤال من إبراهيم ، بل قالت امرأته إنها عجوز، وأنه شيخ، وكان ذلك فى بلاد الشام، لما جاءت الملائكة إليه، بسبب قوم لوط، وكان إبراهيم فى آخره عمره.
أما البشارة الأولى فكانت حين انتقل من العراق إلى الشام، وحين كان سنه لا يستغرب فيه الولد، ولذلك سأله، فعلمنا بذلك أنهما بشارتان فى وقتين بغلامين، أحدهما بغير سؤال وهو إسحاق، والثانية قبل ذلك بسؤال وهو غيره، فقطعنا بأنه إسماعيل وهو الذبيح.
جـ - أن القول بأن الذبيح إسماعيل قد ورد - كما قال الإِمام ابن القيم - عن كثير من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وأما القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجها.
ثم قال الإِمام ابن القيم: وسمعت شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله - يقول: هذا القول إنما هو متلقى عن أهل الكتاب، مع أنه باطل بنص كتابهم فإن فيه: إن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه "بكره" وفى لفظ "وحيده" ولا يشك أهل الكتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاد إبراهيم.
ومن العلماء الذين فصلوا القول فى هذه المسألة، الإِمام ابن كثير، فقد قالرحمه الله : "وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق، وحكى ذلك عن طائفة من السلف، حتى نقل عن بعض الصحابة - أيضاً - وليس ذلك فى كتاب ولا سنة، وما أظن ذلك تُلُقَّى إلا عن أحبار أهل الكتاب، وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل، فإنه ذكر البشارة بالغلام الحليم، وذكر أنه الذبيح، ثم قال بعد ذلك: { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ }.
ولما بشرت الملائكة إبراهيم بإسحاق قالوا { إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ } وقال - تعالى -: { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } أى: يولد له فى حياتهما ولد يسمى يعقوب، فيكون من ذريته عقب ونسل.
وقد قدمنا أنه لا يجوز بعد ذلك أن يؤمر بذبحه وهو صغير، لأن الله قد وعدهما بأنه سيعقب، ويكون له نسل، فكيف يمكن بعد هذا أن يؤمر بذبحه صغيراً، وإسماعيل وصف هنا بالحلم، لأنه مناسب لهذا المقام.
قال الآلوسى -رحمه الله - بعد أن ساق أقوال العلماء فى ذلك بالتفصيل: "والذى أميل إليه أنه - أى الذبيح - إسماعيل - عليه السلام - ، بناء على أن ظاهر الآية يقتضيه، وأنه المروى عن كثير من أئمة أهل البيت، ولم أتيقن صحة حديث مرفوع يقتضى خلاف ذلك، وحال أهل الكتاب لا يخفى على ذوى الألباب".
هذه بعض الأحكام والآداب التى يمكن أن نأخذها من هذه القصة، التى حكاها - سبحانه - عن نبيه إبراهيم - عليه السلام - فى هذه السورة الكريمة، وهناك أحكام وآداب أخرى يستطيع أن يستخلصها المتدبر فى هذه الآيات الكريمة.
ثم ذكر - سبحانه - جانباً من قصة موسى وهارون - عليهما السلام - وهما من ذرية إبراهيم وإسحاق، فقال - تعالى - :
{ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ... }.