التفاسير

< >
عرض

آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَأَنفَقُواْ لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ
٧
وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ
٨
هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ
٩
وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
١٠
مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ
١١
-الحديد

الوسيط في تفسير القرآن الكريم

والخطاب فى قوله - تعالى -: { آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } إلى الناس جميعا ويدخل فيه المؤمنون دخولا أوليا، ويكون المقصود بدعوتهم إلى الإِيمان المداومة عليه والتمسك بتعاليمه، وتنفيذ توجيهاته.. كما قال - تعالى -: { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱلْكِتَابِ ٱلَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱلْكِتَابِ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِن قَبْل } وقوله: { وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } بيان لما يقتضيه هذا الإِيمان.
وقوله: { مُّسْتَخْلَفِينَ } اسم مفعول من الاستخلاف، بمعنى أن يخلف الإِنسان غيره، أو أن يخلفه غيره من بعده.
أى: آمنوا - أيها الناس - بالله - تعالى - وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - إيمانا حقا، وإن من مقتضيات هذا الإِيمان، أن تنفقوا من أموالكم فى وجوه الخير، فإن هذه الأموال هى عارية فى أيديكم، فقد ورثتموها من غيركم، وغيركم سيرثها عنكم، وهى فى جيمع الأحوال ملك لله - تعالى - وحده على الحقيقة.
قال القرطبى: قوله: { وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } دليل على أن أصل الملك لله - سبحانه - وأن العبد ليس له فيه إلا التصرف الذى يرضى الله فيثيبه على ذلك بالجنة، فمن أنفق منها فى حقوق الله، وهان عليه الإِنفاق منها، كما يهون على الرجل النفقة من مال غيره إذا أذن له فيه، كان له الأجر الجزيل.
وقال الحسن: مستخلفين فيه: ورثتكم إياه عمن كان قبلكم.
وهذا يدل على أنها ليست بأموالكم فى الحقيقة، وما أنتم إلا بمنزلة النواب والوكلاء، فاغتنموا الفرصة فيها بإقامة الحق، قبل أن تزال عنكم إلى من بعدكم.
ثم بين - سبحانه - ما أعده لهؤلاء المنفقين فقال: { فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ } إيمانا حقا.. { وَأَنفَقُواْ } أموالهم فيما يرضى الله - تعالى - { لَهُمْ } منه - عز وجل - { أَجْرٌ كَبِيرٌ } لا يعلم مقداره إلا الله - تعالى -.
ثم رغبهم - سبحانه - فى الثبات على الإِيمان بالله ورسوله فقال: { وَمَا لَكُمْ لاَ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُواْ بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ }.
أى: وأى مانع يمنعكم من الثبات على الإِيمان. ومن القيام بتكاليفه، ومن إخلاص العبادة له - تعالى - وحده، والحال أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بينكم صباح مساء، يدعوكم إلى الإِيمان بربكم، وقد أخذ - سبحانه - عليكم العهود والمواثيق على هذا الإِيمان، عن طريق ما ركب فيكم من عقول تعقل، وعن طريق ما نصب لكم من أدلة متنوعة كلها تدل على وجوب إخلاص العبادة لله الواحد القهار.
قال: الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية: أى: وأى شىء يمنعكم من الإِيمان، والرسول بين أظهركم يدعوكم إلى ذلك، ويبين لكم الحجج والبراهين على صحة ما جاءكم به. وقد روينا فى الحديث من طرق، فى أوائل شرح كتاب الإِيمان من صحيح البخارى،
"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوما لأصحابه: أى المؤمنين أعجب إليكم إيمانا؟ قالوا: الملائكة.
قال: وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم؟ قالوا: فالأنبياء قال: ومالهم لا يؤمنون والوحى ينزل عليهم قالوا: فنحن، قال: فما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ ولكن أعجب المؤمنين إيمانا قوم يجيئون بعدكم، يجدون صحفا يؤمنون بما فيها"
.
وقوله - تعالى -: { وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ } كما قال - تعالى -: { وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا.. } ويعنى بذلك بيعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وزعم ابن جرير: أن المراد بذلك: الميثاق الذى أخذ عليهم فى صلب آدم.
وجواب الشرط فى قوله - تعالى -: { إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } محذوف لدلالة ما قبله عليه.
أى: إن كنتم مؤمنين لسبب من الأسباب، فعلى رأس هذه الأسباب وجود الرسول - صلى الله عليه وسلم - بينكم يدعوكم إلى هذا الإِيمان ويقنعكم بوجوب الاعتصام به.
ثم ذكر - سبحانه - جانبا من مظاهر فضله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - وعليهم فقال: { هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ }.
والرءوف: مبالغة فى الاتصاف بالرأفة، ومعناها: كراهية إصابة الغير بما يضره أو يؤذيه.
والرحيم: مبالغة فى الاتصاف بصفة الرحمة. ومعناه: محبة إيصال الخير والنفع إلى الغير.
أى: هو - سبحانه - وحده الذى ينزل على عبده ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - { آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } أى: حججا واضحات، ودلائل باهرات، لكى يخرجكم من ظلمات الكفر والجهل، إلى نور الإِيمان والعلم.
وإن الله - تعالى - بكم - أيها الناس - لكثير الرأفة والرحمة، حيث أنزل إليكم كتابه، وأرسل إليكم رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وكما حضهم - سبحانه - على الثبات على الإِيمان... حضهم أيضاً مرة أخرى على الإِنفاق فى سبيله بأبلغ أسلوب، فقال: { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ }.
والاستفهام فى قوله تعالى: { وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنفِقُواْ.. } للتعجيب من حال من يمسك عن الإِنفاق فى سبيل الله، مع أن كل المقتضيات تدعوه إلى هذا الإِنفاق. والكلام فى قوله - تعالى -: { وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } على حذف مضاف، والجملة حال من فاعل { أَلاَّ تُنفِقُواْ }، أو من مفعوله المعلوم مما تقدم.
وإضافة ميراث إلى السماوات والأرض، من إضافة المصدر إلى المفعول أى: وأى سبب يحملكم على البخل وعدم الإِنفاق فى سبيل إعلاء كلمة الله، والحال أن لله - تعالى - ميراث أهل السماوات وأهل الأرض.
إنه لا عذر لكم فى الشح والإِمساك بعد أن بينت لكم ما بينت من وجوب الإِنفاق فى سبيل الله.
قال الآلوسى: قوله: { وَلِلَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } أى: يرث كل شىء فيهما، ولا يبقى لأحد مال، على أن ميراثهما مجاز أو كناية عن ميراث ما فيهما، لأن أخذ الظرف يلزمه أخذ المظروف. وجوز أن يراد: يرثهما وما فيهما، واختير الأول، لأنه يكفى لتوبيخهم، إذ لا علاقة لأخذ السماوات والأرض هنا.. والجملة مؤكدة للتوبيخ، فإن ترك الإِنفاق بغير سبب قبيح منكر، ومع تحقيق ما يوجب الإِنفاق أشد فى القبح، وأدخل فى الإِنكار.
ثم قال - تعالى -: { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ }.
والمراد بمن أنفق من قبل الفتح وقاتل: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، الذين أنفقوا الكثير من أموالهم، قيل فتح مكة.. وقيل: المراد بالفتح: صلح الحديبية.
وإنما كان الذين أنفقوا وقاتلوا قبل هذا الوقت، أعظم درجة ممن فعل ذلك بعد هذا الوقت، لأن الأيام التى سبقت الفتح تعرض المسلمون خلالها لكثير من المصائب والخوف والجوع ونقص الثمرات.. فكان الإِنفاق والجهاد فيها أشق على النفس، والثواب على قدر المشقة.
أى: لا يستوى منكم - أيها المؤمنون - فى الفضيلة والدرجة من أنفق الكثير من ماله، من قبل أن تفتح مكة، وجاهد فى سبيل الله - تعالى - جهادا كبيرا، أولئك الذين فعلوا ذلك، أعظم درجة ومنزلة من الذين انفقوا وقاتلوا بعد أن فتحت مكة.
فالجملة الكريمة بيان لتفاوت الدرجات، على حسب تفاوت الأحوال والأعمال، وعطف - سبحانه - القتال فى قوله { وَقَاتَلُواْ } على الإِنفاق فى قوله: { أَنفَقُواْ } للإِشعار بشدة ارتباطهما، وأنه لا غنى لأحدهما عن الآخر.
قال القرطبى: أكثر المفسرين على أن المراد بالفتح: فتح مكة. وقال الشعبى والزهرى: فتح الحديبية... وفى الكلام حذف. أى: لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل، ومن أنفق من بعد الفتح وقاتل، فحذف لدلالة الكلام عليه.
وإنما كانت النفقة قبل الفتح أعظم، لأن حاجة الناس كانت أكثر لضعف الإِسلام، وفعل ذلك كان على المنفقين حينئذ أشق، والأجر على قدر النصب.
وقوله - تعالى -: { مَّنْ أَنفَقَ.. } عام يشمل جميع من بذل ماله قبل الفتح فى سبيل الله.
وقيل: المراد به أبو بكر الصديق - رضى الله عنه - لأنه أول من أسلم، وأول من أنفق.
وقوله - عز وجل -: { وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } مدح للفريقين،ودفع للتوهم من أن يظن ظان أن الفريق الثانى وهو الذى أنفق من بعد الفتح وقاتل، محروم من الأجر.
أى: وكلا الفريقين وعده الله - تعالى - المثوبة الحسنى وهى الجنة، إلا أن الذين انفقوا من قبل الفتح وقاتلوا، أعظم درجة من الذين أنفقوا وقاتلوا بعد ذلك.
فهذه الآية أصل فى تفاضل أهل الفضل فيما بينهم، وأن الفضل ثابت لهم جميعا إلا أنهم تفاوتوا على حسب أعمالهم وجهادهم وسبقهم.
ثم حتم - سبحانه - الآية الكريمة بقوله: { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } أى: أنه - تعالى - لا تخفى عليه خافية من أعمالكم الظاهرة أو الباطنة فأخلصوا أقوالكم وأفعالكم لله - تعالى - لتنالوا أجره وثوابه.
وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية جملة من الأحاديث التى تدل على فضل الصحابة - رضوان الله عليهم - ومنها ما جاء فى الحديث الصحيح
"أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: لا تسبوا أصحابى، فوالذى نفسى بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" .
ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات الكريمة، بتحريض اشد وأقوى على الإِنفاق فى وجوه الخير، فقال - تعالى -: { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ }.
قال القرطبى: القرض: اسم لكل ما يلتمس عليه الجزاء، وأقرض فلان فلانا، أى: أعطاه ما يتجازاه واستقرضت من فلان أى: طلبت منه القرض فأقرضنى، واقترضت منه أى: أخذت منه القرض. وأصل الكلمة: القطع. ومنه المقراض، وأقرضته، أى: قطعت له من مالى قطعة يجازى عليها.
ثم قال: والتعبير بالقرض فى هذه الآية، إنما هو تأنيس وتقريب للناس بما يفهمونه، والله هو الغنى الحميد، لكنه - تعالى - شبه عطاء المؤمن فى الدنيا بما يرجو به ثوابه فى الآخرة بالقرض، كما شبه إعطاء النفوس والأموال فى أخذ الجنة بالبيع والشراء".
والقرض الحسن: هو الإِنفاق من المال الحلال، مع صدق النية، دون رياء أو سمعة. أو منٍّ أو أذى مع تحرى أوسط الأموال.
والاستفهام: للحض على البذل والعطاء، والتحريض على التحلى بمكارم الأخلاق.
و { مَّن } اسم استفهام مبتدأ، و { ذَا } اسم إشارة خبره، و { ٱلَّذِي } وصلته صفة لاسم الإِشارة، أو بدل منه.
والمعنى: من هذا المؤمن القوى الإِيمان، الذى يقدم ماله فى الجهاد من أجل إعلاء كلمة الله، وفى غير ذلك من وجوه الخير كمعاونة المحتاجين، وسد حاجة البائسين.. { فَيُضَاعِفَهُ لَهُ } أى: فيعطيه - سبحانه - أجره على إنفاقه أضعافا مضاعفة.
{ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ }، أى: ولهذا المنفق - فضلا عن كل ذلك - أجر كريم عند خالقه، لا يعلم مقداره إلا هو - تعالى -.
فأنت ترى أن هذه الآية الكريمة، قد اشتملت على ألوان من الحض على الإِنفاق فى وجوه الخير.
ومن ذلك التعبير بالاستفهام فى ذاته، لأنه للتنبيه وبعث النفوس إلى التدبر والاستجابة.
ومن ذلك - أيضا - التعبير بقوله: { مَّن ذَا ٱلَّذِي }.. إذ لا يستفهم بتلك الطريقة إلا إذا كان المقام ذا شأن وخطر، وكأن المخاطب لعظم شأنه، من شأنه أن يشار إليه، وأن يجمع له بين اسم الإِشارة وبين الاسم الموصول.
ومن ذلك تسميته ما يبذله الباذل قرضا، ولمن هذا القرض؟ إنه لله الذى له خزائن السماوات والأرض.
فكأنه - تعالى - يقول: أقرضونى مما أعطيتكم، وسأضاعف لكم هذا القرض أضعافا مضاعفة، يوم القيامة
{ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً } ومن ذلك إخفاء مرات المضاعفة، وضم الأجر الكريم إليها.
ومن ذلك التعبير عن الإِنفاق بالقرض، إذ القرض معناه: إخراج المال. وانتظار ما يقابله من بدل.
والخلاصة أن هذه الآية وما قبلها، فيها ما فيها من الدعوة إلى الإِنفاق فى وجوه الخير، وإلى الجهاد فى سبيل الله.
ثم بين - سبحانه - ما أعده للمؤمنين الصادقين من ثواب، وساق جانبا مما يدور بينهم وبين المنافقين من محاورات.. فقال - تعالى -: { يَوْمَ تَرَى ٱلْمُؤْمِنِينَ... }.