التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ ذَلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
١٠
وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى ٱلْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ أَنتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ
١١
-الممتحنة

الوسيط في تفسير القرآن الكريم

قال الإِمام القرطبى: قوله - تعالى -: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ }: لما أمر الله المسلمين بترك موالاة المشركين، واقتضى ذلك مهاجرة المسلمين عن بلاد الشرك إلى بلاد الإِسلام، وكان التناكح من أوكد أسباب الموالاة، فبين - سبحانه - أحكام مهاجرة النساء.
قال ابن عباس: جرى الصلح مع مشركى قريش عام الحديبية على أن من أتاه من أهل مكة رده إليهم، فجاءت سعيدة بنت الحارث الأسلمية بعد الفراغ من الكتاب، والنبى - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية بعدُ، فأقبل زوجها - وكان كافرا.. فقال: يا محمد، اردد على امرأتى، فإنك شرطت ذلك، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد، فأنزل الله - تعالى - هذه الآية.
وقيل:
"جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، فجاء أهلها يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يردها.
وقيل: هربت من زوجها عمرو بن العاص ومعها أخواها فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخويها وحبسها، فقالوا للنبى - صلى الله عليه وسلم - ردها علينا للشرط، فقال: كان الشرط فى الرجال لا فى النساء فأنزل الله هذه الآية"
.
والمعنى: يا من آمنتم بالله - تعالى - حق الإِيمان، { إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ }، من دار الكفر الى دار الإِيمان، وراغبات فى فراق الكافرين، والبقاء معكم.
{ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ } أى: فاختبروهن اختبارا يغلب معه الظن بأنهن صادقات فى هجرتهن وفى إيمانهن، وفى موافقة قلوبهن لألسنتهن.
وقد ذكر ابن جرير فى كيفية امتحانهن صيغا منها: ما جاء عن ابن عباس أنه قال: كانت المرأة إذا أتت رسول الله - صلى الله عليها وسلم - حلفها بأنها ما خرجت بغضا لزوجها، ولا رغبة فى الانتقال من أرض إلى أرض، ولا التماسا لدنيا، وإنما خرجت حبا لله ولرسوله.
وجملة: { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ } معترضة لبيان أن معرفة خفايا القلوب، مردها إلى الله - تعالى - وحده.
قال صاحب الكشاف: قوله: { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ } أى: منكم، لأنكم لا تكسبون فيه علما تطمئن معه نفوسكم، وإن استحلفتموهن ودرستم أحوالهن، وعند الله حقيقة العلم به.
والمراد بالعلم فى قوله - تعالى -: { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ } الظن الغالب.
أى: فإن غلب على ظنكم بعد امتحانهن أنهن مؤمنات صادقات فى إيمانهن، فأبقوهن عندكم، ولا ترجعوهن إلى أزواجهن أو إلى أهلهن من الكفار.
وسمى الظن القوى علما للإِيذان بأنه كالعلم فى وجوب العمل بمقتضاه، وإنما رد الرسول - صلى الله عليه وسلم - الرجال الذين جاءوه مؤمنين بعد صلح الحديبية، ولم يرد النساء المؤمنات، لأن شرط الرد كان فى الرجال ولم يكن فى النساء - كما سبق أن ذكرنا نقلا عن القرطبى -، ولأن الرجل لا يخشى عليه من الفتنة فى الرد ما يخشى على المرأة، من إصابة المشرك إياها، وتخويفها، وإكراهها على الردة.
قال بعض العلماء: قال كثير من المفسرين: إن هذه الآية مخصصة لما جاء فى معاهدة صلح الحديبية، والتى كان فيها من جاء من الكفار مسلما إلى المسلمين ردوه إلى المشركين، ومن جاء من المسلمين كافرا للمشركين، لا يردونه على المسلمين، فأخرجت الآية النساء من المعاهدة، وأبقت الرجال، من باب تخصيص العموم.
وتخصيص السنن بالقرآن، وتخصيص القرآن بالسنن، أمر معلوم.
ومن أمثلة تخصيص السنة بالكتاب، قوله: - صلى الله عليه وسلم -:
"ما أبين من حى فهو ميت" أى: فهو محرم، فقد جاء تخصيص هذا العموم بقوله - تعالى -: { وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا } أى: ليس محرما، ومن أمثلة تخصيص الكتاب بالسنة قوله - تعالى -: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ } فقد جاء تخصيص هذا العموم بحديث: "أحلت لنا ميتتان ودمان، أما الميتتان: فالجراد والحوت، وأما الدمان: فالكبد والطحال" .
وقال بعض المفسرين: إنها ليست مخصصة للمعاهدة، لأن النساء لم يدخلن فيها ابتداء، وإنما كانت فى حق الرجال فقط.
والذى يظهر - والله أعلم - أنها مخصصة لمعاهدة الحديبية، وهى من أحسن الأمثلة لتخصيص السنة بالقرآن - كما قال الإِمام ابن كثير.
وقوله - سبحانه -: { لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } تعليل للنهى عن رد المؤمنات المهاجرات إلى دار الكفر، أو إلى أزواجهن الكفار.
أى: لا ترجعوا - أيها المؤمنون - النساء المؤمنات المهاجرات إليكم من أرض الكفر إلى أزواجهن الكافرين، فإن هؤلاء المؤمنات صرن بسبب إيمانهن لا يصح ارتباطهن بأزواجهن الكفار، كما لا يصح لهؤلاء الكافرين الارتباط بالنساء المؤمنات.
فالجملة الكريمة المقصود بها تأكيد النهى عن رد المؤمنات المهاجرات إلى أرض الكفر، ووجوب التفرقة بين المرأة المؤمنة وزوجها الكافر فى جميع الأحوال.
قال ابن كثير: هذه الآية هى التى حرمت المسلمات على المشركين وقد كان ذلك جائزا فى أول الإِسلام، أن يتزوج المشرك المؤمنة...
وقوله - تعالى -: { وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ } بيان لمظهر من مظاهر عدالة الإِسلام فى أحكامه. والخطاب لولاة الأمور. وهذا الإِيتاء إنما هو للأزواج المعاهدين، أما إذا كانوا حزبيين فلا يعطون شيئا.
أى: وسلموا إلى المشركين الذين جاءكم نساؤهم مؤمنات، ما دفعوه لهن من مهور، قال القرطبى: قوله: { وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ }: أمر الله - تعالى - إذا أُمسِكَتْ المرأة المسلمة، أن يرد إلى زوجها المشرك ما أنفق، وذلك من الوفاء بالعهد، لأنه لما مُنِع من أهله، بحرمة الإِسلام، أمر- سبحانه - برد المال إليه، حتى لا يقع عليهم خسران من الوجهين: الزوجة والمال.
فالمراد بقوله - تعالى - { مَّآ أَنفَقُواْ }: ما دفعه المشركون لأزواجهم المؤمنات.
وعبر عن هذه المهور بالنفقة، للإِشعار بأن هؤلاء الزوجات المؤمنات، أصبحت لا صلة لهن بأزواجهن المشركين.
وقوله - سبحانه -: { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } تكريم لهؤلاء النساء المسلمات اللائى فررن بدينهن من أزواجهن المشركين.
أى: ولا حرج عليكم - أيها المؤمنون - فى نكاح هؤلاء المؤمنات، بعد فراقهن لأزواجهن المشركين، وبعد استبرائكم لأرحامهن، وعليكم أن تدفعوا لهن مهورهن كاملة غير منقوصة.
ونص على دفع المهر لهن - مع أنه أمر معلوم - لكى لا يتوهم متوهم، أن رد المهر إلى الزوج الكافر، يغنى عن دفع مهر جديد لهن إذا تزوجن بعد ذلك بأزواج مسلمين، إذ المهر المردود للكفار، لا يقوم مقام المهر الذى يجب على المسلم إذا ما تزوج بامرأة مسلمة فارقت زوجها الكافر.
والمراد بالإِيتاء: ما يشمل الدفع العاجل، والتزام الدفع فى المستقبل.
ثم نهى الله - تعالى - المسلمين عن إبقاء الزوجات المشركات فى عصمتهم فقال: { وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ }.
والعصم: جمع عصمة، والمراد بها هنا: عقد النكاح الذى يربط بين الزوج والزوجة، والكوافر: جمع كافرة، كضوارب جمع ضاربة.
أى: ولا يصح لكم - أيها المؤمنون - أن تبقوا فى عصمتكم، زوجاتكم اللائى آثرن الكفر على الإِيمان، وأبين الهجرة معكم من دار الكفر إلى دار الإِسلام، وقد بادر المسلمون بعد نزول هذه الآية بتطليق زوجاتهم الكافرات فطلق عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - امرأتين له كانتا مشركتين، وطلق طلحة بن عبيد الله إحدى زوجاته وكانت مشركة.
وهذه الجلمة الكريمة تأكيد لقوله - تعالى - قبل ذلك: { لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ }.
ثم بين - سبحانه - حكما آخر من الأحكام التى تدل على عدالة الإِسلام فى تشريعاته فقال: { وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ } والجملة الكريمة معطوفة على قوله - تعالى - قبل ذلك: { وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ }.
أى: كما أنى شرعت لكم أن تعطوا الأزواج المشركين، مهور نسائهم المسلمات اللائى فررن إليكم، وتركن أزواجهن الكفار، فكذلك شرعت لكم أن تطلبوا مهور نسائكم المشركات اللائى انفصلتم عنهن لكفرهن، ولحقن بهؤلاء المشركين، وليطلب المشركون منكم مهور نسائهم المؤمنات اللائى انفصلن عنهم وهاجرن إليكم.
ثم ختم - سبحانه - هذه الآية الكريمة ببيان أن هذه الأحكام، إنما هى من الله - تعالى - العليم بأحوال النفوس، الحكيم فى أقواله وأفعاله، فقال: { ذَلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }.
أى: ذلكم الذى ذكرناه لكم من تشريعات تتعلق بالمؤمنات المهاجرات هى أحكام من الله - تعالى - فاتبعوها، فهو - سبحانه - صاحب الحكم المطلق بينكم، وهو - سبحانه - عليم بأحوال عباده، حكيم فى كل تصرفاته وتشريعاته.
وقوله - سبحانه -: { وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى ٱلْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ } بيان لحكم آخر يتعلق بالنساء اللائى التحقن بالمشركين، وتركن أزواجهن المسلمين، وأبى المشركون أن يدفعوا للمسلمين مهور هؤلاء الزوجات.
والجملة الكريمة معطوفة على قوله - تعالى - قبل ذلك: { وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ }.
وقد ذكروا أن المسلمين لما نزل قوله - تعالى -: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ.. } الآية. كتبوا إلى المشركين يعلمونهم بما تضمنته هذه الآية.
فامتنع المشركون عن دفع مهور النساء اللاتى ذهبن إليهم، بعد أن تركن أزواجهن المسلمين، فنزل قوله - تعالى -: { وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى ٱلْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ }.
قال ابن كثير: أقر المؤمنون بحكم الله فأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين التى انفقوها على نسائهم، وأبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما فرض عليهم من أداء نفقات المسلمين، فقال الله - تعالى - للمؤمنين به، { وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ } الآية.
وقوله { فَاتَكُمْ } من الفَوْتِ بمعنى الفراق والترك والهرب.. يقال: فاتنى هذا الشىء، إذا لم أتمكن من الحصول عليه، وعدى بحرف إلى لتضمنه معنى الفرار.
ولفظ "شىء" هنا المراد به بعض، وقوله: { مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ } بيان للفظ شىء.
وقوله: { فَعَاقَبْتُمْ } يرى بعضهم أنه من العقوبة.
وعليه يكون المعنى: وإن تفلتت وفرت امرأة من أزواجكم - أيها المؤمنون - إلى الكفار، وامتنعوا عن دفع مهرها لكم. { فَعَاقَبْتُمْ } أى: فغزوتم أنتم بعد ذلك هؤلاء الكافرين وانتصرتم عليهم وظفرتم بمغانم منهم.
{ فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ } منكم إلى الكفار من هذه المغانم { مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ } أى: مثل المهور التى أنفقوها على زوجاتهم اللائى فررن إلى المشركين.
ويرى بعضهم أن قوله { فَعَاقَبْتُمْ } صيغة تفاعل من العُقْبة - بضم العين وسكون القاف وهى النوبة، بمعنى أن يصير الإِنسان فى حالة تشبه حالة غيره.
قال الآلوسى: قوله: { فَعَاقَبْتُمْ } من العُقْبَةِ لا من العقاب، وهى فى الأصل النوبة فى ركوب أحد الرفيقين على دابة لهما والآخر بعده: أى: فجاءت عقبتكم أى نوبتكم من أداء المهر.
شبه الحكم بالأداء المذكور، بأمر يتعاقبون فيه كما يتعاقب فى الركوب.
وحاصل المعنى: إن لحق أحد من أزواجكم بالكفار، أو فاتكم شىء من مهورهن، { فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ } من مهر المهاجرة التى تزوجتموها، ولا تعطوا شيئا لزوجها الكافر، ليكون قصاص.
وعبر عن هؤلاء الزوجات اللائى تركن أزواجهن المؤمنين، وفررن إلى المشركين، بلفظ "شىء" لتحقير هؤلاء الزوجات، وتهوين أمرهن على المسلمين، وبيان أنهن بمنزلة الشىء الضائع المفقود الذى لا قيمة له.
قال صاحب الكشاف: وجميع من لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين ست نسوة.
وقد أعطى الرسول - صلى الله عليه وسلم - المؤمنين مهور نسائهم - اللاحقات بالمشركين - من الغنيمة.
ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بقوله: { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ أَنتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ } أى: واتقوا الله - تعالى - أيها المؤمنون - فى كل شئونكم، ونفذوا ما أمركم به أو نهاكم عنه، فإن الإِيمان الحق به - عز وجل - يستزلم منكم ذلك.
فالمقصود بهذا التذييل، الحض على الوفاء بما أمر الله - تعالى - به، بدون تهاون أو تقاعس.
وبعد أن بين - سبحانه - حكم النساء المؤمنات المهاجرات من دار الكفر إلى دار الإِسلام، أتبع ذلك بأمر النبى - صلى الله عليه وسلم - بمبايعتهن وغيرهن على عدم الإِشراك بالله تعالى -، وعلى اجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فقال - تعالى -: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ... }.