التفاسير

< >
عرض

فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ
٣٩
-هود

خواطر محمد متولي الشعراوي

ونلحظ في قول الحق سبحانه: { فَسَوْفَ } { تَعْلَمُونَ } أن الفعل الذي يعلمه نوح عليه السلام وهو أمر الإغراق سيحدث مستقبلاً؛ لأن أي حدث - كما نعلم - له أكثر من صورة، فإن جاء الكلام عن الحدث بعد وقوعه؛ كان الفعل ماضياً، وإن جاء الكلام وقت وقوع الحدث كان الفعل مضارعاً.
وإن جاء الكلام عن حدث لم يأت زمنه فالأمر يقتضي أن نسبق الكلام عن الحدث بحرف "السين" كأن نقول: "سيعلمون" وهذا عن الاستقبال القريب، أما عن الاستقبال البعيد فتأتي كلمة "سوف".
ونحن نعلم أن نوحاً عليه السلام قضى العديد من السنين وهو يصنع السفينة؛ ولذلك جاء بـ "سوف" لتدل على أوسع مَدًى زمنيٍّ.
وما الذي سوف يعلمونه؟ إنه العذاب، أيأتي لنوح ومن معه أم يأتي للذين كفروا من ملأ نوح.
لذلك يقول الحق سبحانه على لسان نوح عليه السلام:
{ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ .. } [هود: 39].
وفي هذا القول ما يؤكِّد أن نوحاً عليه السلام يعلم أن العذاب سوف يأتيهم؛ لأنهم كفروا وسَخِروا وقالوا:
{ { .. فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [هود: 32].
وقول الحق سبحانه:
{ .. وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [هود: 39].
نجد فيه كلمة { يَحِلُّ } وهي ضِدُّ الرحيل، وتفيد النزول من أعلى إلى مكان الإقامة، فَحَلَّ بالمكان، أي: نزلَ ليقيم به، والضِّدُّ هو الرحيل أو الترحال.
وقول الحق سبحانه: { مُّقِيمٌ } يعني أن العذاب الذي سيحِلُّ بهم عذاب دائم.
ويقول الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك:
{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ ... }.