التفاسير

< >
عرض

فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ
٧٩
-الحجر

خواطر محمد متولي الشعراوي

ويُقال: إن ما كان يفصل بين مدين وأصحاب الأيكة هو هذا الشجر المُلْتف الكثيف القريب من البحر. ولذلك نجد هنا الدليل على أن شعيباً عليه السلام قد بُعِث إلى أُمتين هو قوله الحق:
{ وَإِنَّهُمَا ... } [الحجر: 79].
وقد انتقم الله من الأُمتين الظالمتين؛ مَدْين وأصحاب الأيكة.
ويقول الحق سبحانه:
{ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } [الحجر: 79].
والإمام هو ما يُؤتَم به في الرأي والفتيا، أو في الحركات والسَّكنات؛ أو: في الطريق المُوصِّل إلى الغايات، ويُسمَّى "إمام" لأنه يدلُّ على الأماكن أو الغايات التي نريد أن نصل إليها، ذلك أنه يعلم كل جزئية من هذا الطريق.
وفيما يبدو أن أصحاب الأَيْكة قد تَمادَوْا في الظُّلْم والكفر، وإذا كان سبحانه قد أخذ أهل مَدْين بالصيحة والرجفة؛ فقد أخذ أصحاب الأيكة بأن سلط عليهم الحَرَّ سبعة أيام لا يُظِلهم منه ظِلٌّ؛ ثم أرسل سحابة وتمنَّوْا أن تُمطر، وأمطرتْ ناراً فأكلتهم، كما قالت كتب الأثر.
وهذا هو العذاب الذي قال فيه الحق سبحانه:
{ { فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [الشعراء: 189].
وهكذا تكون تلك العِبَر بمثابة الإمام الذي يقود إلى التبصُّر بعواقب الظلم والشرك.
وينقلنا الحق سبحانه إلى خبر قوم آخرين، فيقول تعالى:
{ وَلَقَدْ كَذَّبَ ... }.