التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
١٠٤
-النحل

خواطر محمد متولي الشعراوي

الحق تبارك وتعالى في قوله:
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ .. } [النحل: 104].
ينفي عن هؤلاء صفة الإيمان، فكيف يقول بعدها:
{ لاَ يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ .. } [النحل: 104].
أليسوا غير مؤمنين، وغير مُهْتدين؟
قُلْنا: إن الهداية نوعان:
- هداية دلالة وإرشاد، وهذه يستوي فيها المؤمن والكافر، فقد دَلَّ الله الجميع، وأوضح الطريق للجميع، ومنها قوله تعالى:
{ { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ .. } [فصلت: 17].
أي: أرشدناهم ودَلَلْناهم.
- وهداية المعونة والتوفيق، وهذه لا تكون إلا للمؤمن، ومنها قوله تعالى:
{ { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ } [محمد: 17].
إذن: معنى:
{ لاَ يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ .. } [النحل: 104].
أي: هداية معونة وتوفيق.
ويصح أن نقول أيضاً: إن الجهة هنا مُنفكّة إلى شيء آخر، فيكون المعنى: لا يهديهم إلى طريق الجنة، بل إلى طريق النار، كما قال تعالى:
{ { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ .. } [النساء: 168-169].
بدليل قوله تعالى بعدها:
{ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النحل: 104].
ولأنه سبحانه في المقابل عندما تحدَّث عن المؤمنين قال:
{ { وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } [محمد: 6].
أي: هداهم لها وعرَّفهم طريقها.
ثم يقول الحق تبارك وتعالى:
{ إِنَّمَا يَفْتَرِي ... }.