التفاسير

< >
عرض

أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً
٦٩
-الإسراء

خواطر محمد متولي الشعراوي

أي: وإنْ نجاكم من خطر البحر، فلا مجال للأمن في البر؛ لأنه قادر سبحانه أن يُذيقكم بأسه في البر، أو يُعيدكم في البحر مرة أخرى، ويُوقعكم فيما أوقعكم فيه من كَرْب في المرة الأولى، فالمعنى: أنجوتُمْ فأمنتُم.
وقوله تعالى: { فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ ٱلرِّيحِ .. } [الإسراء: 69].
القاصف: هو الذي يقصف بعنف وشدة، ولا يكون إلا في اليابس { فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ... } [الإسراء: 69] أي: بسبب كفركم بنعمة الله، وجحودكم لفضله، فقد نجاكم في البحر فأعرضتم وتمردتم، في حين كان عليكم أن تعترفوا لله بالجميل، وتُقِرُّوا له بالفضل.
ثم يقول تعالى: { ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } [الإسراء: 69].
عندنا تابع وتبيع، التابع: هو الذي يتبعك لعمل شيء فيك، أما التبيع: فهو الذي يُوالِي تتبعك، ويبحث عنك لأَخْذ ثأره منك. فالمعنى: إنْ فعلنا بكم هذه الأفعال فلن تجدوا لكم تبيعاً يأخذ بثأركم أو ينتقم لكم، إذن: لا أملَ لكم في ناصر ينصركم، أو مدافع يحميكم.
وكأن الحق سبحانه وتعالى يقول: أنا لا أخاف ردَّ الفعل منكم، والإنسان يُحجم عن الفعل مخافةَ ردِّ الفعل، ويجلس يفكر طويلاً: إذا ضربتُ فلاناً فسيأتي أهله ويفعلون بي كذا وكذا، أما الحق سبحانه وتعالى فلا أحدَ يستطيع ردّاً على انتقامه أو عذابه.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ ... }.