التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً
٦١
-الكهف

خواطر محمد متولي الشعراوي

{ بَلَغَا } أي: موسى وفتاه { مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا } أي: مجمع البحرين { نَسِيَا حُوتَهُمَا } أي: حدث النسيان منهما معاً، وإنْ كان حمل الحوت منوطاً بفتى موسى وقد نسيه، فكان على موسى أنْ يُذكِّره به، فرئيس القوم لا بُدَّ أن يتنبه لكل جزئية من جزئيات الرَّكْب، وكانت العادة أنْ يكون هو آخر المبارحين للمكان ليتفقده وينظر لعل واحداً نسي شيئاً، إذن: كان على موسى أن يعقب ساعة قيامهم لمتابعة السير، ويُذكِّر فتاهُ بما معهم من لوازم الرحلة.
والحوت: نوع من السمك معروف، وفي بعض البلاد يُطلِقون على كل سمك حُوتاً، وقد أعدُّوه للأكل إذا جاعوا أثناء السير، وكان الفتى يحمله وهو مشوي في مكتل.
وقوله تعالى: { فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً } [الكهف: 61] أي: خرج الحوت المشوي من المكتل، وتسرَّب نحو البحر، والسَّرَب: مثل النفق أو السرداب، أو هو المنحدر، كما نقول: تسرب الماء من القِرْبة مثلاً؛ ذلك لأن مستوى الماء في القِرْبة أعلى فيتسرَّب منها، وهذه من عجائب الآيات أن يقفز الحوت المشويّ، وتعود له الحياة، ويتوجّه نحو البحر؛ لأنه يعلم أن الماء مسكنه ومكانه.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ ءَاتِنَا غَدَآءَنَا ... }.