التفاسير

< >
عرض

يٰأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً
٢٨
-مريم

خواطر محمد متولي الشعراوي

قولهم لمريم: { يٰأُخْتَ هَارُونَ .. } [مريم: 28] هذا كلام جارح وتقريع ومبالغة منهم في تعييرها، فنسبوها إلى هارون الذي سُمِّي على اسم النبي، فأنتِ من بيت صلاح ونشأت في طاعة الله، فكيف يصدر منك هذا الفعل؟ كما ترى أنت سيدة محجبة يصدر منها في الشارع عمل لا يتناسب ومظهرها فتلومها على هذا السلوك الذي لا يُتصوّر من مثلها.
وقوله: { مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ .. } [مريم: 28] الرجل السوء هو الذي إنْ صحبْتَه أصابك منه سوء، ونالك بالأذى { وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } [مريم: 28] قلنا: إن البَغيَّ: هي المرأة التي تبغي الرجال وتدعوهم إليها، فالمراد: من أين لك هذه الصفة، وأنت من أسرة خَيِّرة صالحة؟
وفي هذا دليل على أن نَضْح الأُسَرِ يؤثر في الأبناء، فحين نُكوِّن الأسرة المؤمنة والبيت الملتزم بشرع الله، وحين نحتضن الأبناء ونحوطهم بالعناية والرعاية، فسوف نستقبل جيلاً مؤمناً واعياً نافعاً لنفسه ولمجتمعه.
إذن: فقولهم: { مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } [مريم: 28] اتهام صريح لمريم، وتأكيد على أنها وقعتْ في محظور وكأنهم مصرون على رَمْيها بالفاحشة.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ ... }.