التفاسير

< >
عرض

وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً
٨٦
-مريم

خواطر محمد متولي الشعراوي

نسوق: والسائق يكون من الخلف ينهرهم ويزجرهم، كما جاء في قوله تعالى: { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } [الطور: 13] ولم يقل مثلاً: نقودهم؛ لأن القائد يكون من الأمام، وربما غافله أحدهم وشرد منه.
وقوله تعالى: { وِرْداً } [مريم: 86] الوِرْد: هو الذَّهَاب للماء لطلب الريِّ، أما النار فمحلُّ اللظى والشُّواظ واللهب والحميم. فلماذا سُمِّي إتيان النار بحرِّها ورِدْاً؟
وهذا تهكُّم بهم، كما جاء في آيات أخرى:
{ وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ .. } [الكهف: 29].
وأنت ساعةَ تسمع (يغاثوا) تنتظر الخير وتأمل الرحمة، لكن هؤلاء يُغاثون بماء كالمهل يشوي الوجوه.
وكذلك في قوله تعالى:
{ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 49] في توبيخ عُتَاة الكفر والإجرام. ومنه قوله تعالى: { فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [لقمان: 7] والبشرى لا تكون إلا بشيء. سَار.
إذن: فقوله تعالى: { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } [مريم: 86] تهكُّم، كما تقول للولد المهمل الذي أخفق في الامتحان: مبروك عليك السقوط.
ثم يقول تعالى:
{ لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ ... }.