التفاسير

< >
عرض

قَالَ كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً
٩
-مريم

خواطر محمد متولي الشعراوي

{ قَالَ } أي: الحق تبارك وتعالى { كَذٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ .. } [مريم: 9] أي: أنه تعالى قال ذلك وقضى به، فلا تناقش في هذه المسألة، فنحن أعلَم بك وما أنتَ فيه من كِبَر، وأن زوجتك عاقر، ومع ذلك سأهبك الولد.
وقوله تعالى: { هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ .. } [مريم: 9] وفي آية أخرى يقول في آية البعث:
{ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ .. } [الروم: 27] فلا تظن أن الأمر بالنسبة لله تعالى فيه شيء هَيِّن وشيء أَهْوَن، وشيء شاقّ، فالمراد بهذه الألفاظ تقريب المعنى إلى أذهاننا.
والحق سبحانه يخاطبنا على كلامنا نحن وعلى منطقنا، فالخَلْق من موجود أهون في نظرنا من الخلق من غير موجود، كما قال الحق سبحانه تعالى:
{ أَفَعَيِينَا بِٱلْخَلْقِ ٱلأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } [ق: 15].
إذن: فمسألة الإيجاد بالنسبة له تعالى ليس فيها سَهْل وأسْهَل أو صَعْب وأصعب، لأن هذه تُقال لمَنْ يعمل الأعمال علاجاً، ويُزاولها مُزَاولة، وهذا في إعمالنا نحن البشر، أما الحق تبارك وتعالى فإنه لا يعالج الأفعال، بل يقول للشيء كُنْ فيكون:
{ إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [يس: 82].
ثم يُدلّل الحق سبحانه وتعالى بالأَقْوى، فيقول: { وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً } [مريم: 9] فلأن يوجد يحيى من شيء أقلّ غرابة من أن أوجد من لا شيء.
ثم يقول الحق سبحانه:
{ قَالَ رَبِّ ٱجْعَل لِيۤ آيَةً ... }.