التفاسير

< >
عرض

وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ
٧٠
-الأنبياء

خواطر محمد متولي الشعراوي

والمراد بالكيد هنا مسألة الإحراق، ومعنى الكيد: تدبير خفيّ للعدو حتى لا يشعر بما يُدبَّر له، فيحتاط للأمر، والكيد يكون لصالح الشيء، ويكون ضده، ففي قوله تعالى: { { كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ .. } [يوسف: 76].
أي: لصالحه فلم يقُلْ: كِدْنا يوسف إنما كِدْنا له، وقالوا في الكيد: إنه دليل ضعف وعدم قدرة على المواجهة، فالذي يُدبِّر لغيره، ويتآمر عليه خُفْية ما فعل ذلك إلاّ لعدم قدرته على مواجهته.
لذلك يقولون: أعوذ بالله من قبضة الضعيف، فإنِّي قويٌّ على قبضة القوي. فإذا ما تمكّن الضعيف من الفرصة لا يدعها؛ لأنه لا يضمنها في كل وقت، أما القوي فواثق من قوته يستطيع أن ينال خَصْمه في أيِّ وقت، ومن هنا قال الشاعر:

وَضَعِيفَةً فَإِذَا أَصَابَتْ فُرْصَةقتلتْ كَذلِكَ قْدْرَةُ الضُّعفَاءِ

لذلك استدلوا على ضعف النساء بقوله تعالى: { { إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } [يوسف: 28] وما دام أن كيدهن عظيم، فضعفُهن أيضاً عظيم أو حتى أعظم.
ثم قول تعالى: { فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } [الأنبياء: 70] والأخسرون جمع أخسر، على وزن أفعل؛ ليدل على المبالغة في الخُسْران، وقد كانت خسارتهم في مسألة حَرْق إبراهيم من عِدَّة وجوه: أولاً أن إبراهيم عليه السلام لم يُصِبْه سوء رغم إلقائه في النار، ثم إنهم لم يَسْلَموا من عداوته، وبعد ذلك سيُجازون على فِعْلهم، هذا في الآخرة، فأيُّ خُسْران بعد هذا؟
ثم يقول الحق تبارك وتعالى:
{ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى ... }.